ساهمت عملية التحويل الرقمي للمدن الذكية في المملكة، والتي تحظى بدعم من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” بالشراكة مع عدة هيئات حكومية، بالارتقاء بتصنيف خمس مدن سعودية في مؤشر IMD الخاص بالمدن الذكية عالمياً لعام 2024م، مقارنةً بالبيانات المنشورة في تقرير العام 2023. وقد تحقق هذا التقدم من خلال توظيف تقنيات جمع البيانات والذكاء الاصطناعي، وفقاً لما أصدره المعهد الدولي للتنمية الإدارية.
انضمت مدينة الخبر هذا العام للمرة الأولى إلى قائمة المدن في المؤشر، حيث شمل المؤشر أيضًا مدينة الرياض، ومكة المكرمة، وجدة، والمدينة المنورة. وشهدت بعض هذه المدن تحسنًا في مواقعها ضمن التصنيف العالمي للمؤشر، حيث ثبتت الرياض في المرتبة الثالثة على مستوى الوطن العربي، بينما جاءت مكة المكرمة في المرتبة الخامسة، وجدة في المرتبة السادسة، والمدينة المنورة في المرتبة السابعة. وعلى الصعيد العالمي، احتلت الرياض المرتبة الخامسة والعشرون، متقدمة بخمس مراكز عن السنة الماضية، فيما ظلت مكة المكرمة في المرتبة الثانية والخمسين، وتقدمت جدة للمرتبة الخامسة والخمسين، مرتفعة مرتبةً واحدة، بينما قفزت المدينة المنورة للمرتبة الرابعة والسبعين، متقدمة إحدى عشرة مرتبة مقارنة بالسنة الماضية. أما الخبر فقد حصلت على المرتبة التسعين والتاسعة وذلك ضمن تصنيف يشمل 142 مدينة حول العالم.
ركز مؤشر IMD للمدن الذكية للعام ٢٠٢٤ على عدة معايير، من بينها طريقة شعور المواطنين بمدى وأثر الجهود المبذولة لتحويل مدنهم إلى مدن ذكية، والمستوى الذي تم به تحقيق التوافق بين العوامل الاقتصادية والتكنولوجية مع الحرص على مراعاة العناصر البشرية. كما يشمل ذلك الدور في تقليص الهوة بين رغبات السكان واحتياجاتهم وبين الأساليب العصرية.
في تطوير المدن الذكية، يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة بهدف تحقيق استهلاك أمثل للموارد، خفض مستويات الانبعاثات الغازية الضارة، وجعل المساحات المشتركة تلائم متطلبات المقيمين بشكل أفضل.
ساهمت المبادرات التي تقودها (سدايا) إلى جانب الجهات الحكومية في رفع مكانة المدن في المملكة ضمن تصنيف IMD للمدن الذكية، وذلك من خلال مجموعة من المشاريع والمبادرات التي ساعدت في تجسيد مفهوم المدن الذكية، مثل العمل على المنصة الوطنية للمدن الذكية، هذه المنصة تقدم تحليلات متطورة باستخدام نماذج المحاكاة التي تعزز من تطوير الخطط والاستراتيجيات للمستقبل وذلك باعتماد حلول تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
تشتمل هذه الواجهة على معايير للمتابعة الفورية للأنشطة الأساسية بالعاصمة السعودية لتعزيز التطور العمراني المستقبلي الذي يساهم في رقي مستوى العيش فيها. وهذا بالإضافة للخطوات المتخذة لابتكار آلية للكشف عن الفساد البنيوي بالرياض عن طريق استخدام كاميرات تنقل صور الشوارع التي يتم تقييمها بالاستفادة من ذكاء اصطناعي لرصد واقع الفساد البنيوي أسبوعياً في تدبير أولي سيتطور ليشمل أربع مدن أخرى بالمملكة. هذه المدن تخضع لتقييم دوري للمناطق التي تحظى بأهمية عالية قصد دعم عمليات التنظيم العمراني وترقية نوعية الحياة بها، فضلاً عن تحسين المنظر الحضري من خلال استخدام حلول فنية مبتكرة تدفع نحو توسع عمراني أكثر استمرارية وتطور.
في إطار هذه المبادرة، عملت سدايا على تكثيف جهودها المحلية لدعم فكرة المدن الذكية داخل المملكة، بهدف الاستفادة من التجارب الدولية في هذا القطاع ودمجها في البيئة السعودية. وعلى هذا الأساس، نظمت في شهر فبراير المنصرم أول منتدى عالمي للمدن الذكية في المملكة بعنوان “حياة أفضل”. شهد المنتدى مشاركة مائة متحدث يمثلون أربعين دولة من متخصصي المدن الذكية والذكاء الاصطناعي وصانعي السياسات الاقتصادية، بالإضافة إلى نخبة من كبار المسؤولين من القطاعين العام والخاص، ومستثمرين من أنحاء مختلفة من العالم.
شهد الملتقى إنطلاق عدة مشاريع قومية، بما في ذلك تدشين مركز التميز المختص بمعالجة مشكلات الازدحام عبر استغلال البيانات والذكاء الصناعي، الذي يهدف إلى وضع الحلول المبتكرة للهيئات الحكومية المختلفة في الدولة لرفع معايير جودة العيش للمقيمين بالمدن. يعمل هذا المركز على استعمال البيانات وأدوات الذكاء الصناعي؛ بهدف المساعدة في تقليل الازدحام المروري وتيسير انسيابية حركة السيارات، بالإضافة إلى ابتكار حلول ذكية للمؤسسات الحكومية، وتعزيز عملية صنع القرارات مبنية على البيانات لمواجهة التحديات المرورية، وكذلك دعم الاستمرارية، والكفاءة، وتحسين نوعية الحياة في المناطق الحضرية.
ضمن الجهود الوطنية المبذولة من قبل (سدايا) للانتقال نحو المدن الذكية التي توافق معايير هذا المؤشر الدولي، فقد أسهمت من خلال منصة توكلنا بقيمة مضافة تُغني تجربة المستخدم في المدن، مع تعزيز التعاون مع مختلف الهيئات الحكومية لتقديم خدمات متطورة وعالية الجودة تتميز التعاملات فيها بالكفاءة الرقمية والسهولة واليُسر. بالإضافة إلى ذلك، تُقدم سدايا دعماً تقنياً للمنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان)، التي تُعد منصة إلكترونية موثوقة للتبرعات الخيرية داخل المملكة، مستعينةً بتقنيات حديثة في سعيها لتسهيل عملية تبرع المتبرعين وضمان وصول تبرعاتهم للمستفيدين بالسرعة القصوى لتحقيق تأثير إيجابي في حياتهم، وذلك تحت إشراف لجنة تحتوي على ممثلين من 13 جهة حكومية.
في إطار المؤشرات المتعلقة بالمدن الذكية لعام 2024، أُسس مركز التميز للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي من قبل (سدايا) بالتعاون مع وزارة الصحة لتنمية الخطة الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي ضمن ميدان الصحة. ويهدف المركز إلى المساهمة في وضع القواعد الأساسية والمعايير للبيانات الصحية وتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي. بهدف بناء مركز ابتكار وطني في نطاق البيانات والذكاء الاصطناعي للقطاع الصحي. وقد أُطلق في هذا السياق مشروع (عيناي) الذي يُعد حلاً تقنياً مستخدماً الذكاء الاصطناعي لتشخيص اعتلال الشبكية الناتج عن داء السكري. وكذلك بدأت مبادرة (صوتك) التي تعتمد على نظام ذكاء اصطناعي يسمح بتحويل الكلام إلى نصوص باستخدام تقنية التعرف على الصوت، سواء باللغة العربية الفصحى أو باللهجات المحلية.
يعتبر المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD من المؤسسات البارزة في مجال إدارة الأعمال على مستوى العالم، ويُستخدم كمصدر موثوق للمقارنة التنافسية بين الدول من قبل مختلف المنظمات والمؤسسات الدولية. كذلك، يشكل المعهد مرجعًا رئيسيًا للقادة وصانعي السياسات العالميين لتقييم تأثير السياسات الوطنية في دفع عجلة الرخاء والتطور ورفع معايير العيش.