جدول المحتويات
أصدر المركز السياسي والاقتصادي العراقي اليوم دعوة كبيرة لإنشاء وزارة أو هيئة مستقلة مخصصة للذكاء الاصطناعي في العراق. هذا المقترح، الذي أثار نقاشات واسعة بين صناع القرار والخبراء في مجال التكنولوجيا، يهدف إلى وضع العراق في مقدمة الدول المستعدة لاستقبال مستقبل الابتكارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
الحاجة الملحة للذكاء الاصطناعي في هيكل الحكم العراقي
نظراً للتطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي حول العالم، تواجه العراق حاجة ماسة لتضمين الذكاء الاصطناعي في الهيكل الحكومي. وفقاً لما صرح به وسام هدمل الحلو، مدير المركز الاقتصادي، فإن إنشاء وزارة أو هيئة مخصصة للذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية بل ضرورة لا غنى عنها.
وقال الحلو في بيان صحفي تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع): “المشهد العالمي يتغير، والذكاء الاصطناعي يلامس كل قطاع، من التعليم إلى الرعاية الصحية، ومن التجارة إلى الأمن. العراق بحاجة إلى كيان مخصص للاستفادة من هذه التطورات وضمان أن يسهم الذكاء الاصطناعي إيجابياً في تطوير البلاد”.
وتأتي هذه الدعوة في ضوء التعداد السكاني القادم في العراق، والمقرر إجراؤه في وقت لاحق من هذا الشهر. يمكن أن تشكل بيانات هذا التعداد أساساً مهماً للمشاريع المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، مما يساعد في تبسيط العمليات الحكومية وتحسين الخدمات العامة في قطاعات مثل التعليم والصناعة والاتصالات والسياحة.
نهج متعدد القطاعات لتنفيذ الذكاء الاصطناعي
يسلط مقترح المركز الاقتصادي الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في العديد من القطاعات في العراق، بما في ذلك قطاع الاتصالات والتجارة الإلكترونية والخدمات المصرفية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تحسين كفاءة المعاملات الرقمية والمدفوعات الإلكترونية والتحويلات المالية سواء داخل البلاد أو على المستوى الدولي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم بشكل كبير في أتمتة تسجيل الشركات، وتعزيز الأمن السيبراني، ورقمنة الخدمات الأساسية.
إن الاقتصاد العراقي المتطور، إلى جانب تعقيداته الاجتماعية والسياسية، يخلق بيئة فريدة حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بمثابة أداة للتحديث وآلية لمعالجة التحديات القديمة. ستلعب وزارة أو هيئة الذكاء الاصطناعي المقترحة دورًا محوريًا في تنسيق الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع تبني الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على مسؤوليته وضمان استخدامه بشكل آمن ومسؤول.
استثمار الذكاء الاصطناعي في الأمن الوطني والدفاع السيبراني
قد يكون للذكاء الاصطناعي جوانب إيجابية وسلبية، خاصة في بلد مثل العراق الذي واجه تحديات أمنية لعقود. شدد المركز الاقتصادي على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مهمة لحماية الأمن الوطني، ومكافحة الاحتيال، ومنع الهجمات السيبرانية، والتصدي للتلاعب بالمحتوى عبر تقنيات “التزييف العميق” وغيرها من أشكال التضليل الرقمي.
وأوضح الحلو أن إنشاء كيان مختص في الذكاء الاصطناعي سيمكن العراق من الاستفادة من الجوانب الإيجابية للتكنولوجيا مع تقليل المخاطر المصاحبة. واقترح تشجيع التعاون بين وزارة الدفاع ووزارة الاتصالات والجهات الأخرى ذات الصلة لتعزيز الاستعدادات السيبرانية للعراق وجعل البلاد أكثر مقاومة للتهديدات الناشئة. كما يشمل المقترح أهمية تثقيف الجمهور وتوعية المجتمع حول المخاطر والفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي ونظام التعليم في العراق: محور رئيسي
يعتبر قطاع التعليم من أكثر المجالات الواعدة لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي. من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية التعليمية للعراق، يمكن تحسين تجربة التعلم بشكل كبير وإعداد الطلاب بشكل أفضل لمستقبل يعتمد على التكنولوجيا. يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم تعلم مخصص، ونظام تدريس ذكي، وتصحيح تلقائي، مما يساعد المعلمين على تعديل مناهجهم التعليمية لتلبية احتياجات كل طالب بصورة فردية.
علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديث برامج التعليم المهني والتقني في العراق، مما يتيح للجيل المقبل من العمال اكتساب المهارات اللازمة للنجاح في اقتصاد مشبع بالتكنولوجيا. وهذا من شأنه أن يضمن أن تظل القوى العاملة العراقية تنافسية في الأسواق العالمية، ويعزز مكانة العراق كمركز للابتكار التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسط.
النمو الاقتصادي من خلال الذكاء الاصطناعي: استثمار في المستقبل
إلى جانب التعليم والأمن، يمثل الذكاء الاصطناعي مفتاحًا لإطلاق إمكانات العراق الاقتصادية. يشير مقترح المركز الاقتصادي إلى الدور الذي يمكن أن يؤديه الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصناعية مثل التصنيع واللوجستيات والسياحة. على سبيل المثال، بإمكان تحليل البيانات المعتمد على الذكاء الاصطناعي تحسين سلاسل التوريد، وتقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين تجربة العملاء في صناعات مثل السياحة والضيافة.
كما يمكن لقطاع الاتصالات في العراق أن يستفيد من تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، بتعزيز الأمن السيبراني، وإدارة تدفق البيانات في أوقات الذروة، وتحسين خدمة العملاء عبر تطبيقات الدردشة الذكية. من خلال الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن للعراق جذب استثمارات أجنبية وتحفيز خلق فرص عمل في الصناعات التقنية المتقدمة.
في عصر تتسارع فيه التقدمات التكنولوجية، قد يكون إنشاء وزارة أو هيئة للذكاء الاصطناعي في العراق بداية لتغيير جذري. سيتيح ذلك للبلاد الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين الحوكمة، وتعزيز الأمن، ورفع مستوى التعليم. يعرض مقترح المركز الاقتصادي مساراً واضحًا يمكن من خلاله للعراق ليس فقط اللحاق بالركب بل التفوق في مجال الابتكارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
وأثناء تقدم العراق نحو المستقبل، سيكون من الضروري التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والاستثمار في البنية التحتية والموهبة المطلوبة لجعل الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في مستقبل البلاد. من خلال تبني الذكاء الاصطناعي، تملك العراق فرصة لتحويل اقتصاده، وحماية حدوده، وتحسين جودة الحياة لمواطنيه.