جدول المحتويات
في عصر يشهد تطورًا غير مسبوق في مجال الهواتف الذكية، غالبًا ما يجد المستهلكون أنفسهم في حيرة من أمرهم بشأن ما هو الأهم حقًا عند ترقية أجهزتهم. ومع تبني الشركات للذكاء الاصطناعي كميزة تغير قواعد اللعبة في الإصدارات الجديدة، يتجدد النقاش حول الاختيار بين احتضان إمكانيات الذكاء الاصطناعي الحديثة أو التركيز على الأساسيات العملية مثل عمر البطارية الطويل. وبينما يُظهر الجمهور الأصغر سنًا اهتمامًا بإمكانات الذكاء الاصطناعي، تكشف الدراسات أن معظم البالغين يظلون غير مقتنعين، مفضلين الوظائف الأساسية. هذه المقالة تتناول الفجوة المتزايدة بين الابتكارات اللامعة للذكاء الاصطناعي وأهمية قابلية الاستخدام اليومية، لتلقي الضوء على العوامل التي تؤثر حقًا على قرارات المستهلك في عام 2024.
صعود الذكاء الاصطناعي كميزة رئيسية في الهواتف الذكية
في عام 2024، أصبح الذكاء الاصطناعي محور حملات التسويق للهواتف الذكية. استثمرت كبرى الشركات بشكل كبير في ميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل تحرير الصور المتقدم، والمساعدات الصوتية، والكتابة التنبؤية. تستفيد هذه القدرات من خوارزميات التعلم الآلي لتحسين تجربة المستخدم وتقديم حلول كانت تُعتبر في السابق جزءًا من المستقبل البعيد. على سبيل المثال، أصبحت الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT، جزءًا من بعض الأجهزة، مما يمكن المستخدمين من إنشاء محتوى، وأتمتة المهام، وتلقي توصيات مخصصة.
ومع ذلك، تكشف الدراسات الحديثة عن واقع صارخ: نسبة قليلة فقط من مستخدمي الهواتف الذكية تستفيد فعليًا من هذه الميزات. فقد أظهر مسح أن 10% فقط يستخدمون الذكاء الاصطناعي لأغراض مثل تحرير الصور، بينما يتفاعل 12% مع خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي. بالإضافة إلى ذلك، عبّر 14% فقط عن حماس حقيقي تجاه الابتكارات المستقبلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. تثير هذه الفجوة تساؤلات حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي هو القوة التحويلية التي تدعيها الشركات المصنعة أم مجرد كلمة طنانة تهدف إلى جذب اهتمام الأجيال الشابة كالميلينيالز وجيل “زد”.
تواجه شركات التكنولوجيا تحديات كبيرة في سد هذه الفجوة. وبينما تظهر الفئات العمرية الأصغر انفتاحًا أكبر—حيث صرّح 30% من المراهقين أنهم قد يُقدمون على الترقية لجهاز يدعم الذكاء الاصطناعي—يبقى معظم البالغين متشككين، مفضلين المزايا الملموسة مثل الاعتمادية وطول العمر الافتراضي للجهاز على الميزات التجريبية. تعكس هذه الفجوة بين الأجيال أهمية تعزيز الوضوح في شرح التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية.
الأهمية التي لا يمكن إنكارها لعمر البطارية
على النقيض من الضجة حول الذكاء الاصطناعي، تُظهر الاستطلاعات أن عمر البطارية يظل الأكثر أهمية بالنسبة لمعظم مشتري الهواتف الذكية. فمهما كانت ميزات الذكاء الاصطناعي متقدمة، ما الفائدة منها إذا كان الهاتف لا يدوم طوال اليوم؟ على الرغم من تحقيق تحسينات تدريجية في تكنولوجيا البطاريات، مثل الشحن فائق السرعة وسعات أكبر، إلا أن الطلب على أجهزة تدوم لفترات أطول يتزايد باستمرار، خاصةً مع اعتماد الهواتف الذكية في الحياة الشخصية والمهنية على حد سواء.
تقرير صادر عن “كونتر بوينت ريسيرش” كشف أن أكثر من 60% من مستخدمي الهواتف الذكية صنفوا عمر البطارية كعامل رئيسي يؤثر على قرارات الشراء. تعكس هذه الإحصائية حقيقة واضحة: بينما قد يبدو الذكاء الاصطناعي مذهلاً، فإن العملية والاعتمادية هما ما تهمان المستهلك بالفعل. يرغب المستخدمون في أجهزة يمكنهم الوثوق بها دون الحاجة إلى البحث الدائم عن منافذ الشحن أو حمل بنوك الطاقة.
إضافة إلى ذلك، تدفع المخاوف البيئية المستخدمين نحو الأجهزة الأطول عمراً. فالبطاريات القابلة للاستخدام لفترات أطول تقلل الحاجة إلى الاستبدال المتكرر، مما يتماشى مع الجهود العالمية لتحقيق الاستدامة. بالنسبة للشركات المصنعة، يمثل ذلك فرصة للابتكار في تقديم حلول بطاريات صديقة للبيئة مع ضمان تلبية توقعات المستهلكين بشأن الاعتمادية.
إرهاق الاشتراكات: حاجز أمام تحقيق دخل من الذكاء الاصطناعي
مع سعي الشركات لتفعيل نماذج الاشتراك لتحقيق دخل من ميزات الذكاء الاصطناعي، تواجه عائقًا جديدًا: إرهاق المستهلك من تعدد الاشتراكات. يعيش المستهلكون اليوم في عالم مليء بالرسوم الشهرية المتعلقة بخدمات البث، والتخزين السحابي، وأدوات الإنتاجية. وبالتالي، فإن فرض تكاليف إضافية للحصول على ميزات الذكاء الاصطناعي قد يُنفر المشترين المحتملين، خاصةً إذا لم تعتبر هذه الميزات ضرورية.
وفقًا لاستطلاع، أعرب 72% من المستخدمين عن ترددهم في دفع مبالغ إضافية مقابل ميزات الذكاء الاصطناعي، مشيرين إلى مخاوف تتعلق بقيمة ما يحصلون عليه مقابل المبلغ المدفوع. وبينما توفّر بعض الأجهزة الراقية أدوات ذكاء اصطناعي مميزة ضمن النظام البيئي للجهاز، إلا أن الأغلبية العظمى من المستهلكين غير مستعدين لدفع تكاليف إضافية مقابل خدمات يرون أنها غير أساسية. يشكل هذا الحذر تحديًا رئيسيًا أمام الشركات المُصنعة التي تسعى إلى الاستفادة تجاريًا من الميزات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وللتغلب على ذلك، يجب على الشركات التركيز على إظهار الفوائد الملموسة للذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يمكن تسليط الضوء على كيفية توفير الذكاء الاصطناعي للوقت، أو تحسين الإنتاجية، أو تعزيز الإبداع لتغيير تصورات المستخدمين. علاوة على ذلك، يمكن تقديم تجارب مجانية أو تضمين ميزات الذكاء الاصطناعي ضمن الخدمات الحالية لتشجيع التبني دون زيادة الضغط المالي على المستخدمين.
تحقيق التوازن بين الابتكار والعملية
يعكس الجدل المستمر بين الابتكارات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي والأساسيات العملية، مثل عمر البطارية، تحديًا أوسع يواجه صناعة الهواتف الذكية: كيفية تحقيق التوازن بين التكنولوجيا المتطورة وقابلية الاستخدام في الحياة اليومية. فرغم الإمكانيات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، تعتمد تبنيه على تقديم قيمة تتماشى مع احتياجات المستخدمين اليومية.
يتعين على الشركات المصنعة أن تدرك أن معظم المستهلكين يفضلون الأجهزة المعتمدة على الجوانب الأساسية على الابتكارات التي تبدو جديدة فقط. لذا، ينبغي التركيز على تحسين العناصر الرئيسية مثل عمر البطارية، والمتانة، وتجربة المستخدم، مع إدخال الذكاء الاصطناعي تدريجيًا بطرق تبدو بديهية ومؤثرة. على سبيل المثال، ميزة تحسين البطارية المدعومة بالذكاء الاصطناعي—التي تعمل على إطالة زمن الاستخدام بناءً على عادات المستخدم—يمكن أن تكون جسرًا بين الابتكار والعملية.
علاوة على ذلك، الشفافية أمر أساسي. تعليم المستهلكين حول فوائد الذكاء الاصطناعي باستخدام حالات استخدام قابلة للتطبيق ومعالجة مخاوف الخصوصية وأمان البيانات يمكن أن يعزز الثقة. من خلال تقديم الذكاء الاصطناعي كأداة تعزز الحياة اليومية بدلاً من تعقيدها، قد تشجع الشركات على اعتماد أوسع دون نفور الجمهور الأساسي.
مع استمرار تطور سوق الهواتف الذكية، يستمر الصراع بين تقدم الذكاء الاصطناعي والميزات الأساسية مثل عمر البطارية في تشكيل تفضيلات المستهلكين. وبينما تكون الأجيال الشابة أكثر انفتاحًا لاستكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي، يبقى غالبية المشترين متمسكين بالعملية، مقدّرين الاعتمادية وطول العمر على الميزات التجريبية.
بالنسبة للشركات المصنعة، يكمن الطريق الصحيح في ردم هذه الفجوة. من خلال مواءمة ابتكارات الذكاء الاصطناعي مع احتياجات الحياة اليومية، والتركيز على الوظائف الأساسية، ومعالجة مخاوف المستهلكين بشأن التكلفة وسهولة الاستخدام، يمكنهم تقديم أجهزة تتناغم مع جميع الفئات. في النهاية، مستقبل الهواتف الذكية يعتمد على تحقيق التوازن المثالي بين التكنولوجيا الثورية والأساسيات الكلاسيكية التي اعتاد المستخدمون الاعتماد عليها.
في عام 2024 وما بعده، السؤال ليس ما إذا كان الذكاء الاصطناعي أو عمر البطارية أكثر أهمية—بل كيفية تحقيق التعايش بينهما لإعادة تعريف تجربة الهاتف الذكي للجميع.