أصبح مصطلح التحول الرقمي من أكثر المصطلحات انتشارا بالفترة الأخيرة، واصبح استخدام هذا المفهوم منتشرا بكافة القطاعات سواء أكانت القطاعات التقنية أو التعليمية أو التجارية أو الطبية أو الصناعية أو الزراعية وغيرها من القطاعات المختلفة، فهل يجب علينا الخوض بالتحول الرقمي واستخدام هذا المصطح كمجرد سباق لاستخدام التقنية او موضة حديثة او Trend ، أم أن هنالك قيمة حقيقية يجب أن نستعد لها و نستفيد منها ليصبح فعلا لدينا تحول رقمي حقيقي ينعكس على تحسين نظام الحياة وتسخيره لتغيير نماذج الأعمال التقليدية وتطويرها والمساهمة في بناء الاقتصاد الرقمي.
يجب أن ننتبه هنا أنه التحول الرقمي ليس غاية وانما وسيلة وهو عامل تمكين مهم جدا، وان التحول في كل قطاع يشكل عموداً من أعمدة الاقتصاد الرقمي، ولن نصل إلى اقتصاد رقمي قوي من دون الاستعداد والعمل وتحمل المسؤولية من الجميع سواء كانوا أفراد على مستوى الاستعداد الشخصي لتطوير المهارات الرقمية؛ أو شركات ومؤسسات على مستوى تغيير نماذج الأعمال وتطوير الموارد البشرية والتفكير بمشاريع نوعية وتحسين مستوى الخدمات، أو على المستوى الحكومي بوضع و تنفيذ السياسات الداعمة للتحول الرقمي، وان التناغم بين أطراف المعادلة الثلاثة (أفراد، شركات، حكومات) هو سر النجاح في التحول الرقمي وبناء الاقتصاد الرقمي على أرضية صلبة.
يجب أن نوضح أن هنالك فرق جوهري بين التغيير(Change) و التحول (transformation)، حيث ان التغيير يصلح لانتاج نسخة أفضل من الماضي وان التغيير مطلوب للحفاظ على المنظومة وتحديثها ، بينما التحول يخلق مستقبلًا جديدًا بدون قيود من الماضي ويفتح مجالا واسعا للابتكار، كما يتطلب مشروع التحول أيضًا تحولًا جوهريًا في عدة مجالات من جوانب كافة الشركات والمؤسسات، حيث يتوجب ان تخرج الشركات من منطقة الراحة الخاصة بها إلى منطقة التحول لتواكب التنافس و التطور ، وغير ذلك فإنها تصبح معرضة للخطر وفقدان فرص البقاء في عالم دائم التغيير والمنافسة، وانه لا توجد صناعة او تجارة او خدمة أو شركة او قطاع محصن ضد المنافسة والاضطراب بسبب الدخول بعالم الرقمنة.
ساهم التقدم الكبير في تطور الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات في عمل تغيرات جذرية بأنماط الحياة بمختلف مجالاتها، على المستويات الفردية والمجتمعية والإقتصادية مما أدى إلى تغيير في أساليب ووسائل تنفيذ الأنشطة الإقتصادية ، وأنتج نوعاً جديداً من الإقتصاد سمي بالإقتصاد الرقمي، وان التحول للإقتصاد الرقمي له آثار إيجابية على كافة المستويات ويعتبر محركا ورافدا للدخل القومي في كثير من البلاد وهويشكل بيئة خصبة للاستثمار وجلب العملة الصعبة ورفع سوية الدولة، حيث ان الاقتصاد الرقمي يتطور بمعدل هائل وهو المحرك الوحيد الأكثر أهمية للابتكار والقدرة على التنافسية العالية والنمو الكبير، وانه يساهم في تغيير حياتنا بمجالات لا محدودة ابتداءا من الطريقة التي نتسوق بها ، وطريقة التواصل الاجتماعي ، بالاضافة إلى الطريقة التي نتعلم بها ، والطرق التي نعمل بها ، بالاضافة الى المجالات الاخرى كالطب والصناعة والزراعة.
كما أنه بالاقتصاد الرقمي يتم إعادة تشكيل الصناعات التقليدية وخلق نماذج أعمال لم تكن موجودة من قبل ، مما يحسن من جودة المنتجات و الخدمات المقدمة للعملاء، كما يقدم الاقتصاد الرقمي إمكانات هائلة لأصحاب المشاريع المختلفة، كما يقدم ارضية خصبة للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة لتنمية وتطوير أعمالها. كما يشكل الاقتصاد الرقمي ممرا واسعا لدخول الابتكار، ويمكن من إزالة الحواجز الجغرافية والزمانية والهيكلية والمؤسسية.
بقلم المهندس: بلال خالد الحفناوي
متخصص بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي
كيف نواكب التحول الرقمي الجزء الاول