تتمتع الجزائر والصين بعلاقات صداقة متجذرة وعريقة، حيث يوجد بينهما تبادل للإحترام والمعاملة على أساس المساواة، ويقدمان الدعم لبعضهما البعض. ومنذ ست سنوات، انتقل الشاب الجزائري براك مراد من مدينة وهران الساحلية في الجزائر عبر البحر إلى داليان في شمال شرق الصين بهدف نيل شهادة الدكتوراه. وعلى مدى سنواته الطويلة في الدراسة والعيش هناك، حقق براك إنجازات في أبحاثه العلمية وتحسن تدريجياً في إتقان اللغة الصينية.
أشار مراد إلى لِشينخوانت بأن مدينته الأصلية، وهران، تعتبر كمدينة داليان، ميناء ساحر على الساحل. لهذا السبب، يفضل أن يقضي وقت فراغه على شواطئ داليان، مستمتعًا بالمناظر الخلابة هناك، وفي أيام الصيف يهوى الغطس في مياه البحر. كما أن الشاطئ يحتضن الكثير من المطاعم التي تقدم أطباق شهية.
في جامعة داليان للتكنولوجيا، انخرط مراد في مشروعات بحثية متعلقة بمجال الذكاء الصناعي، مركزًا على “التنبؤ بالأنماط المرورية في الزمان والمكان”. وأثناء دراسته لنيل شهادة الدكتوراه، كان إعجابه شديدًا بالبيئة البحثية المتميزة والجهد المضني الذي يبذله الطلبة الصينيون. لفتت نظره الإنجازات المتقدمة التي حققها الباحثون الصينيون في مجال الذكاء الصناعي، حيث ادّعى أن %80 من الدراسات في هذا المجال تم نشرها بواسطة علماء الصين، مشيرًا إلى أن زملائه الصينيين يتسمون بحيوية العلم والسعي الجاد، مما دفعه ليحذو حذوهم ويبذل جهدًا أكبر. كما لم يقف إعجابه حد النظريات والمعطيات وحسب، بل انبهر بالتطبيقات العملية الدقيقة للذكاء الصناعي التي تغلغلت في النسيج اليومي بالصين. وقد شهد شخصيًا السرعة الفائقة التي تتطور بها التقنيات والعلوم في الصين، مثلاً، إن بعض الإبداعات النابعة من أبحاثهم سرعان ما تم تحويلها لتصبح جزءًا من حياة المواطنين في غضون سنوات قلائل، بينما في دول أخرى، قد يتطلب ذلك فترات نقاش أطول قبل الاعتماد في الحياة العملية.
خلال فترة دراسته لنيل شهادة الدكتوراه في الصين، انخرط مراد في مشروع لأنظمة الملاحة الذكية بالشراكة مع شركات الإنترنت وجامعات الصينية. خلال ذلك، زار قرى نائية ولمس بنفسه جهود التخفيف الذكي للفقر، واكتشف عملياً كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة التطور القروي. لاحظ تطور التجارة الإلكترونية بسرعة في الصين بما يُسهل على سكان الأرياف شراء وبيع السلع إلكترونياً. في المقابل، يجد أهل الريف في الجزائر صعوبة في إجراء المعاملات البيعية والشرائية. يُعرب عن أمله في أن تتبنى مدينته في الجزائر استراتيجيات مشابهة من الصين لتطوير التسوق الإلكتروني في أقرب وقت.
خلال فترة دراسته في الصين، زار مراد الكثير من المدن هناك وكان مبهورًا بتاريخها وثقافتها وجمال طبيعتها المنوع. ولقد لفت انتباهه، بصفته مهنيًا، استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع السياحة والسفر. وأشار في حديثه مع الصحفي إلى أنه زار عدة مدن كبرى مثل شنغهاي وبكين ووشى وشنتشن، ولاحظ تطورها وتغيرها المستمر يوماً بعد يوم، مما يعكس النمو والتقدم السريع الذي تشهده الصين.
يعتبر مراد أن التحالف الجيد الذي يقوم عليه التعاون بين الصين والجزائر لا يخلق فقط فرصاً كبيرة للنمو للبلدين، ولكنه يفتح أيضاً الباب للشعبين للتفاعل معاً والاستفادة من المزيد من الفرص التنموية. أوضح مراد بأن السوق في الصين تتسم بسعتها، وهذا بدوره يساهم في تطور كل من الصين والدول الأخرى. يتميز التعاون بين الصين والجزائر بأنه يجلب منافع مشتركة لكلا الطرفين، وهو يعبر عن امتنانه العميق لهذه الشراكة التي أتاحت له فرصة الدراسة في الصين.
وفي وقت لاحق ستُكمل مراد مرحلته الدراسية ويبدأ في التوجه لسوق العمل. يرى بأن للصين قدرات كبيرة في ميدان الذكاء الصناعي وأنها ستقدم الكثير من الفرص التطويرية للأفراد من كل أصقاع الأرض. وأشار إلى أنه قد أقام في الصين لمدة ست سنوات وتأقلم مع الحياة هناك، مُعربًا عن أمله في إيجاد وظيفة ملائمة في مجال الذكاء الصناعي في المستقبل.