جدول المحتويات
مشروع “رافين سنتري”، وهو مشروع مبتكر استخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم تحذيرات مبكرة من هجمات المتمردين في أفغانستان. بين عامي 2019 و2020، استغل نائب رئيس الأركان للاستخبارات (J2) في دعم الحلفاء ثقافة الابتكار، وضرورة انسحاب الولايات المتحدة، وفريقًا موهوبًا مدعومًا بخبراء من القطاع التجاري لتطوير نظام ذكاء اصطناعي تنبأ بنجاح بالهجمات. رغم أن المشروع توقف بنهاية الحرب، فإنه يقدم رؤى مهمة حول إمكانيات الذكاء الاصطناعي والشروط اللازمة للابتكار الناجح.
نشأة الابتكار في الحروب
المؤرخ أ. ج. ب. تايلور قال شهيرًا “الحرب كانت دائمًا أم الاختراع”. وعلى الرغم من أن هذا القول يستحضر في الأذهان ظهور الدبابات في الحرب العالمية الأولى أو القنبلة الذرية في الحرب العالمية الثانية، فإنه ينطبق بنفس القدر على الصراعات الحديثة في أفغانستان والعراق. في هذه الساحات الحديثة، واصل الجنود والبحارة والطيارون والمارينز الابتكار، لا سيما من خلال دمج الذكاء الاصطناعي (AI).
مع بداية انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان، واجه نائب رئيس الأركان للاستخبارات (J2) مهمة شاقة تتمثل في الحفاظ على الوعي بالموقف مع تقليل الموارد. في مقر دعم الحلفاء في كابول، المعروف بانفتاحه على المفاهيم الناشئة، تم تجميع مجموعة فريدة من الأفراد الماهرين في تسخير الذكاء الاصطناعي. بدعم من خبراء من وزارة الدفاع (DoD) والقطاع التجاري، شرع هذا الفريق في تطوير نموذج ذكاء اصطناعي يسمى “رافين سنتري”، مصمم للتنبؤ بالهجمات المستقبلية باستخدام مصادر بيانات غير مصنفة.
رافين سنتري: التحدي
بحلول عامي 2019 و2020، ومع تقليص القوات الأمريكية وقوات التحالف في أفغانستان، أصبح الحفاظ على شبكة استخبارات بشرية (HUMINT) قوية أمرًا صعبًا بشكل متزايد. أصبحت الطرق التقليدية لجمع الاستخبارات التي كانت تستخدمها التحالف، بما في ذلك منصات الجمع المحمولة على الطائرات والشبكات الأرضية الواسعة، أقل قابلية للتنفيذ. ومع تراجع نقاط الاتصال مع السكان المحليين وإعادة تخصيص الطائرات الاستخباراتية، تدهورت القدرة على الحفاظ على الوعي بالموقف. استغل المتمردون هذه الفجوات، وشنوا هجمات تقوضت مصداقية الحكومة الأفغانية.
رافين سنتري: اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي كحلول
في أواخر صيف وخريف 2019، ومع اقتراب الولايات المتحدة من اتفاق انسحاب مع طالبان، بحث ضباط الاستخبارات في دعم الحلفاء والقوات الخاصة المشتركة في أفغانستان (SOJTF-A) عن حلول مبتكرة. تم إبلاغهم من قبل مجتمع الاستخبارات (IC) أن نماذج التحذير التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي كانت تحقق تقدمًا في تحسين العمليات التحليلية. قدر فريق الاستخبارات أن نموذج الذكاء الاصطناعي المصمم بشكل جيد يمكنه التعرف على أنماط المتمردين والتنبؤ بالهجمات المستقبلية من خلال معالجة الاستخبارات المفتوحة المصدر (OSINT).
تطوير رافين سنتري
تطلب تطوير “رافين سنتري” تجميع قوى عاملة ماهرة وتأمين دعم القطاع التجاري. في أواخر 2019، وحدت قيادة الاستخبارات الجهود، وشكلت فريق ابتكار في مقر العمليات الخاصة. كان هذا الجو مناسبًا للتجريب، حيث كان القادة على استعداد لتقبل الفشل المبكر. ضم الفريق، الذي أطلق عليه بسخرية “خزانة المهووسين”، محللين كانوا يعملون في نوبات على أرض العمليات لبناء الثقة وفهم الاحتياجات التشغيلية.
كانت المهمة الأولى للفريق هي إنشاء مصفوفة أحداث مفصلة لهجمات المراكز الإقليمية والمحلية. مستندين إلى سنوات من الخبرة والبيانات التاريخية، حددوا الأنماط والعوامل البيئية التي تؤثر على سلوك المتمردين. تم تنسيق هذه البيانات يدويًا وتنسيقها للنموذج الذكاء الاصطناعي، الذي صمم لمعالجة بيانات جغرافية غير مصنفة، وتقارير OSINT، ومجموعات بيانات نظم المعلومات الجغرافية (GIS).
التغلب على التحديات
لم يكن تطوير “رافين سنتري” بلا عقبات. كانت عملية تنسيق البيانات صعبة، الأمر الذي تطلب وقتًا وجهدًا كبيرين لتنسيق الأحداث التاريخية في بيانات قابلة للقراءة الآلية. عمل الفريق عن كثب مع الأفراد العسكريين الأفغان لاكتساب السياق الثقافي وتحديد إشارات التحذير الإضافية. بدعم من وحدة الابتكار الدفاعي في وادي السيليكون، حددوا شريكًا صناعيًا قادرًا على تطوير النموذج.
على الرغم من العقبات البيروقراطية والشكوك داخل مجتمع الاستخبارات، واصل الفريق العمل. بحلول أكتوبر 2020، حقق “رافين سنتري” دقة تقارب 70% في التنبؤ بالهجمات، مما قدم تحليلات قيمة للمحللين.
الدروس المستفادة من رافين سنتري
يقدم تطوير ونشر “رافين سنتري” عدة دروس لمبادرات الذكاء الاصطناعي المستقبلية:
- القيادة وثقافة القيادة: يعتمد النجاح على ثقافة ملتزمة بالابتكار والتجريب. يجب على القادة تخصيص الموارد وتقبل الفشل المبكر.
- التعاون بين الإنسان والآلة: يتطلب نشر الذكاء الاصطناعي الفعال أفرادًا ماهرين يفهمون البيانات وتعلم الآلة. يجب على المحللين التواصل بين مخرجات النظام والمشغلين والقادة.
- البيانات غير المصنفة: يمكن أن تقدم المعلومات التجارية غير المصنفة استخبارات تنبؤية قيمة، مما يسهل التعاون مع الشركاء الأجانب والقطاع التجاري.
- الصيانة المستمرة: تتطلب نماذج الذكاء الاصطناعي تحديثات وصيانة مستمرة لتظل فعالة. يجب على الأفراد المكرسين باستمرار تعديل الخوارزمية ومدخلات البيانات لتتناسب مع البيئات المتغيرة.
الخاتمة
يبرز مشروع “رافين سنتري” الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي في الاستخبارات العسكرية. رغم أن المبادرة توقفت بنهاية الحرب، إلا أن نجاحها يبرز أهمية القيادة، التعاون، والتفكير الابتكاري. مع استمرار التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، يجب على القوات المشتركة تثقيف قادتها، موازنة سرعة التكنولوجيا بالبديهة البشرية، وخلق بيئات ملائمة للابتكار.
للمزيد من الرؤى، يمكن العثور على المقال الكامل حول “رافين سنتري” في إصدار صيف 2024 من مجلة Parameters. او من خلال البودكاست. (انجليزي)