جدول المحتويات
في عصر يتميز بإعادة تشكيل الاقتصادات والصناعات عالميًا من خلال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في هذه المجالات. وخلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، التقى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع كبار المسؤولين التنفيذيين من شركات مايكروسوفت وإنفيديا وبلاك روك، بالإضافة إلى وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو، لمناقشة تعزيز التعاون في مجال الابتكارات التقنية والذكاء الاصطناعي. تؤكد هذه الاجتماعات رفيعة المستوى التزام الإمارات بأن تكون مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، بما يتماشى مع رؤيتها لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للأجيال القادمة.
التزام الإمارات بالذكاء الاصطناعي: رؤية استراتيجية
في اجتماعه مع الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ساتيا ناديلا، والرئيس التنفيذي لبلاك روك لاري فينك، والمؤسس والرئيس التنفيذي لإنفيديا جنسن هوانغ، شدد الشيخ محمد بن زايد على تركيز دولة الإمارات على تعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد قطعت الدولة بالفعل خطوات هامة في دمج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في استراتيجيتها الوطنية للتنمية، والتي تشمل استثمارات في التعليم والبنية التحتية وشراكات مع عمالقة التكنولوجيا العالميين مثل مايكروسوفت.
خلال المناقشات، استعرض رئيس دولة الإمارات أهمية الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي لضمان التنمية والازدهار على المستوى العالمي، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة للنمو الاقتصادي، بل وسيلة لضمان مستقبل مستدام. واستهدفت النقاشات دور مايكروسوفت في دعم تطوير بنية الذكاء الاصطناعي في الإمارات، حيث يعتزم الطرفان الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق الابتكار في مختلف القطاعات.
وتأتي هذه المحادثات في وقت تسعى فيه الإمارات لتأكيد مكانتها بين الدول العشر الأولى عالميًا في القطاعات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي أغسطس 2023، حققت الإمارات معدلات متقدمة في 20 مؤشرًا عالميًا للتنافسية ضمن هذا القطاع، مما يعزز موقعها كوجهة رائدة للاستثمارات والمواهب التقنية.
دور إنفيديا واستثمارات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي
في لقائه مع الرئيس التنفيذي لإنفيديا جنسن هوانغ، تم تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه معدات وبرمجيات الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الرقمي. تُعد شركة إنفيديا، الرائدة عالميًا في مجال الحوسبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، من أبرز الشركات التي توفر الأدوات الضرورية لدعم الابتكارات في هذا المجال عبر مختلف الصناعات. وناقش الجانبان كيف يمكن الاستفادة من تقنيات إنفيديا لتعزيز بنية الذكاء الاصطناعي في الإمارات، لا سيما من خلال شراكات تهدف إلى تعزيز البحث والتطوير في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كان من بين المواضيع الرئيسية التي طرحت “الشراكة العالمية لاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي”، وهي مبادرة حديثة تشمل العديد من الأطراف المعنية، بما فيها شركة إم جي إكس الإماراتية ومايكروسوفت. تهدف هذه الشراكة إلى جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون في بناء الجيل القادم من أطر الذكاء الاصطناعي. وتُعد مساهمة إنفيديا المحتملة في هذه الشراكة بمثابة نقطة تحول، مما يمنح الإمارات ميزة تنافسية في مجال الابتكار المتعلق بالذكاء الاصطناعي، خاصة في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والطاقة.
وعبر الشيخ محمد عن عزيمة الإمارات على استغلال الخبرات التي تقدمها إنفيديا بهدف تسريع مبادرات الذكاء الاصطناعي في البلاد، مما يُسهم في إبقاء الإمارات في مقدمة التطورات التكنولوجية. من جانبه، أكد جنسن هوانغ التزام إنفيديا بالعمل يدًا بيد مع الإمارات لتشكيل مستقبل تُحركه تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية التي تعتمد على هذا التطور لتحقيق النمو العالمي.
دور بلاك روك في استراتيجيات الاستثمار المعتمدة على الذكاء الاصطناعي
أشار لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول عالميًا، إلى أهمية الذكاء الاصطناعي في توجيه استراتيجيات الاستثمار. مع ازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات ضخمة من البيانات، والتنبؤ باتجاهات السوق، وتحسين محافظ الاستثمار، تستكشف بلاك روك كيفية استفادة عملائها والأسواق المالية العالمية من هذه التطورات.
ناقش الشيخ محمد وفيك كيفية مواءمة استراتيجيات الاستثمار القائمة على الذكاء الاصطناعي مع الأهداف الاقتصادية الأوسع للإمارات، خاصة في مجالات الاستدامة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا. وتعتبر خبرة بلاك روك في إدارة الاستثمارات الكبيرة شريكًا أساسيًا لدولة الإمارات في سعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
تتماشى جهود الإمارات لتعزيز بيئة الاستثمار الخاصة بها عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الاتجاهات العالمية التي ترى أن الذكاء الاصطناعي يشكل عاملاً جوهريًا في النمو الاقتصادي المستقبلي. واتفق الطرفان على ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الذي سيفيد ليس فقط دولة الإمارات، بل أيضًا في تعزيز استقرار السوق العالمية ودعم الابتكار.
تعزيز العلاقات الإماراتية الأمريكية من خلال التكنولوجيا والتجارة
بالإضافة إلى اجتماعاته مع قادة التكنولوجيا، التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو لمناقشة تطور العلاقات الإماراتية الأمريكية، وخاصة في مجالات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا. وقد شهدت العلاقات التجارية الثنائية بين البلدين نموًا ملموسًا، وأعرب الجانبان عن رغبتهما في تعميق هذه الشراكة بشكل أكبر.
تركزت المحادثات على كيفية تعاون الدولتين في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لتحقيق الازدهار الاقتصادي المشترك. وباعتبار دولة الإمارات رائدة عالميًا في الذكاء الاصطناعي، والولايات المتحدة مركزًا للابتكار التكنولوجي، فإن البلدين في وضع جيد للاستفادة من التعاون المعزز في هذه المجالات.
وفي هذا السياق، تم تسليط الضوء على أهمية “الشراكة العالمية لاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي”، حيث تسعى كل من الإمارات والولايات المتحدة لتوسيع دوريهما كقادة في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي. من المتوقع أن تساهم هذه الشراكة في تسهيل تبادل المعرفة والموارد والاستثمارات، مما يمهد الطريق لنمو وتطور الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.
تؤكد المناقشات الاستراتيجية التي أجراها قادة الإمارات مع المسؤولين من مايكروسوفت وإنفيديا وبلاك روك والحكومة الأمريكية على التزام الإمارات بأن تصبح مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. من خلال التركيز على تطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول، تهدف الإمارات إلى تحفيز النمو المستدام، وتعزيز الابتكار، وتعزيز التعاون العالمي. ستلعب الشراكات التي تم تأسيسها خلال هذه الزيارة دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي ليس فقط في الإمارات، بل في جميع أنحاء العالم.
ومع استمرار الإمارات في الاستثمار بشكل مكثف في بنية الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، ستعزز هذه الجهود بلا شك مكانتها كقوة رئيسية في الاقتصاد الرقمي العالمي. من خلال التعاون الاستراتيجي والسياسات الاستشرافية، تستعد الإمارات بشكل استباقي لمستقبل سيكون فيه الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في صميم رؤيتها للرفاه والتنمية المستدامة على المدى الطويل.
المصدر: وام