جدول المحتويات
التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي في الانتخابات
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تجد الولايات المتحدة نفسها تواجه نوعًا جديدًا من التدخل الانتخابي – الذكاء الاصطناعي (AI). الحادثة السابقة في نيو هامبشاير، حيث تم استخدام مكالمة هاتفية آلية مولدة بالذكاء الاصطناعي لتقليد الرئيس جو بايدن وحث الناخبين على البقاء في منازلهم، تمثل واحدة من أولى الحالات الموثقة لاستخدام الذكاء الاصطناعي للتدخل في انتخابات أمريكية. هذا الحدث أبرز قلقًا كبيرًا: هل الولايات المتحدة مستعدة لتأثير الذكاء الاصطناعي المتزايد على العملية الانتخابية؟
المعلومات المضللة المولدة بالذكاء الاصطناعي: لمحة عالمية
حادثة المكالمة الهاتفية في نيو هامبشاير، التي تعود إلى شركات مقرها في تكساس مثل “لايف كوربوريشن” و”لينجو تيليكوم”، قد تكون مجرد قمة جبل الجليد. ليزا جيلبرت، نائبة الرئيس التنفيذي لمنظمة “بابليك سيتيزن”، تؤكد أن مجرد وجود مثل هذه الجهود المضللة هو أمر مثير للقلق، بغض النظر عن تأثيرها الفوري على نسبة الإقبال على التصويت.
على الصعيد العالمي، نرى اتجاهًا مقلقًا. في سلوفاكيا، تسجيلات صوتية مزيفة أثرت على الانتخابات، وفي إندونيسيا، الأفاتار المولدة بالذكاء الاصطناعي أعادت تشكيل التصورات السياسية. الهند أيضًا شهدت استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء السياسيين المتوفين لدعم المسؤولين الحاليين. هذه الأمثلة الدولية تقدم تحذيرًا واضحًا لما قد تواجهه الولايات المتحدة في انتخابات 2024.
التأخير التنظيمي: الصراع لمواكبة التطور
على الرغم من هذه التهديدات الواضحة، لازال الإطار التنظيمي في الولايات المتحدة متأخرًا. بعد حادثة نيو هامبشاير، قامت لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) بحظر المكالمات الهاتفية الآلية المولدة بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لم تقم لجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC) بعد بوضع قواعد شاملة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات السياسية. بعض الولايات تحاول سد هذه الفجوة التنظيمية، لكن الوتيرة غير متساوية.
فريق عمل من الحزبين في مجلس النواب الأمريكي يستكشف تنظيم الذكاء الاصطناعي، لكن الجمود الحزبي والتطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي يشكلان عقبات كبيرة. كما تشير جيلبرت: “نحن بحاجة للتحرك بسرعة”، لمنع سيناريو “الغرب المتوحش” حيث يمكن أن ينتشر التضليل المدعوم بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير.
قوة الذكاء الاصطناعي التضليلية
إمكانية الذكاء الاصطناعي في التضليل مذهلة. من مقاطع الفيديو والصوت المزيفة إلى الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للتكنولوجيا أن تصنع أحداثًا وتصريحات بواقعية مذهلة. المحتوى الصوتي، على وجه الخصوص، يتميز بقدرة عالية على التلاعب. يحذر الخبراء من أن المكالمات المولدة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تقلد أصوات أفراد العائلة، مما يجعل الخداع أكثر إقناعًا – وهو تكتيك معروف بالفعل باسم “احتيال الأجداد”.
حتى الاستخدامات التي تبدو غير مؤذية للذكاء الاصطناعي، مثل إنشاء رسائل صوتية بأصوات ضحايا إطلاق النار الجماعي للدعوة إلى التحكم في الأسلحة، أو صياغة إعلانات حملة بديلة للواقع، يمكن أن تخلط بين الواقع والتزييف. يصف تشيستر ويسنيويسكي، خبير الأمن السيبراني في شركة “سوفوس”، هذا الانتقال من “تضليل انتخابي حرفي مصنوع يدويًا” إلى “خداع صناعي واسع النطاق”.
الذكاء الاصطناعي وثقة الناخبين: أزمة قيد التشكل
تآكل الثقة هو ربما الأثر الأكثر خبثًا للذكاء الاصطناعي في الانتخابات. مع تقدم محتوى الذكاء الاصطناعي، قد يبدأ الناخبون في التشكيك في صحة كل ما يرونه ويسمعونه. هذا الشك المستمر يمكن أن يقوض اتخاذ القرار الديمقراطي المستنير، مما يخلق بيئة مشككة حيث لا يمكن التفريق بين الحقيقة والباطل.
كاتي هارباث، التي كانت تعمل سابقًا في فيسبوك، تسلط الضوء على هذا المأزق: “هناك فرق بين ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي وما يفعله بالفعل”. مجرد إمكانية وجود معلومات مضللة مولدة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تجعل الناخبين يعيدون التفكير في تصوراتهم، مما يقوض أساس الثقة الضرورية للديمقراطية.
المسؤولية المؤسسية والطريق إلى الأمام
في غياب تنظيم حكومي قوي، تتخذ شركات التكنولوجيا إجراءات ذاتية. تعهدت جوجل وميتا ومايكروسوفت وأوبن إيه آي بتنفيذ “احتياطات معقولة”، مثل وضع علامات إضافية على المحتوى السياسي المولد بالذكاء الاصطناعي وتوجيه المستخدمين إلى معلومات موثوقة عن التصويت. ومع ذلك، قد لا تكون هذه الجهود كافية لمواجهة الفاعلين السيئين المصممين.
على المستوى المحلي، بعض القوانين الآن تفرض إفصاحات واضحة في الإعلانات السياسية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي. بدأت لجنة الانتخابات الفيدرالية عملية وضع قواعد، من المتوقع أن تنتهي بحلول الصيف، لوضع إرشادات فيدرالية. الضرورة واضحة: بدون اتخاذ إجراءات سريعة وشاملة، قد تشهد انتخابات 2024 مستويات غير مسبوقة من التضليل المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
أول انتخابات مدعومة بالذكاء الاصطناعي: تحدٍ وشيك
من المتوقع أن تكون الانتخابات الرئاسية لعام 2024 أول “انتخابات مدعومة بالذكاء الاصطناعي” في أمريكا، حيث يتغلغل تأثير الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية. من صياغة رسائل الحملات إلى زرع المعلومات المضللة، تمثل قدرات الذكاء الاصطناعي تحديات فريدة تتطلب اهتمامًا فوريًا.
حيث يعمل مركز قانون الحملات (CLC) ومجموعات الدفاع الأخرى بلا كلل لتثقيف الجمهور وتقديم توصيات سياسية لتقليل مخاطر الذكاء الاصطناعي. يؤكدون على مخاطر التزييف العميق والأكاذيب الأخرى المولدة بالذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تضلل الناخبين وتعرقل إدارة الانتخابات.
في الختام، بينما يحمل الذكاء الاصطناعي وعدًا كبيرًا لتطبيقات متنوعة، فإن استخدامه المحتمل في الانتخابات يشكل تهديدًا خطيرًا لنزاهة الديمقراطية. مع مواجهة الولايات المتحدة لهذا المجال الجديد، ستكون الإجراءات التنظيمية السريعة، وتوعية الجمهور، والمسؤولية المؤسسية ضرورية لحماية العملية الانتخابية من القوة التخريبية للذكاء الاصطناعي.
مراجع القصة الاخبارية الخاصة بنا:
The Guardian, ABC, Seta, CLC