جدول المحتويات
في خطوة غير مسبوقة، اقترحت حكومة البرازيل رسميًا خطة استثمارية قوية للذكاء الاصطناعي بقيمة 23 مليار ريال برازيلي (4.07 مليار دولار) تهدف إلى تعزيز التكنولوجيا المستدامة والاجتماعية. جاء الإعلان من الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يوم الثلاثاء، بهدف وضع البرازيل في موقع القيادة التكنولوجية في أمريكا اللاتينية وتحقيق “السيادة الوطنية” في قطاع الذكاء الاصطناعي.
رؤية للاعتماد على الذات في مجال الذكاء الاصطناعي
بصفتها أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، تسعى البرازيل لتحقيق الاستقلال التكنولوجي وتقليل الاعتماد على الأدوات المستوردة من عمالقة التكنولوجيا مثل الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. “يجب أن يكون ذكاؤنا الاصطناعي ذكياً؛ يجب أن يكون مصدراً للدخل والتوظيف”، أكد الرئيس لولا، مشدداً على الدوافع الاجتماعية والاقتصادية وراء هذا الاقتراح الطموح.
تحدد الخطة الاستثمارية الشاملة توزيع الأموال على عدة قطاعات، مبرزة المبادرات ذات الأثر الفوري في الصحة العامة والزراعة والمحافظة على البيئة والابتكار التجاري والتعليم. وتشمل الخطة أيضًا تطوير نماذج لغوية متقدمة مخصصة للغة البرتغالية، مع دمج بيانات ثقافية واجتماعية ولغوية وطنية.
تخصيص استراتيجي للموارد
من المقرر أن يتم توزيع مبلغ 23 مليار ريال برازيلي على مشاريع مدفوعة بالذكاء الاصطناعي خلال الفترة من 2024 إلى 2028:
- مشاريع الابتكار التجاري: سيتم تخصيص 14 مليار ريال برازيلي للابتكار التجاري على مدى السنوات الأربع القادمة.
- البنية التحتية والتطوير: تم تخصيص أكثر من 5 مليارات ريال برازيلي لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك مراكز البيانات وأجهزة الكمبيوتر فائقة القدرات.
- الخدمات العامة والتدريب: ستُخصص الموارد لدعم الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة والأطر التنظيمية وتطوير الموارد البشرية.
أوضحت لوسيانا سانتوس، وزيرة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في البرازيل، رؤية تجهيز البرازيل بالبنية التحتية التكنولوجية المتقدمة التي تعمل بالطاقة المتجددة، مما يتماشى مع أهداف البلاد في الاستدامة وموقعها المتميز في إنتاج الطاقة النظيفة.
تآزر القطاعين الخاص والعام
من إجمالي الاستثمار، سيأتي ما يقرب من 22 مليار ريال برازيلي من الأموال العامة، مأخوذة بشكل رئيسي من الميزانية الفيدرالية وصندوق التنمية الوطني للعلوم والتكنولوجيا (FNDCT). فيما ستسهم الاستثمارات الخاصة والالتزامات المقابلة للحصول على الحوافز الضريبية بمبلغ إضافي قدره 1.06 مليار ريال برازيلي. وأكدت الحكومة “أن هذا التقدير الأولي لا يستثني إمكانية أن تقوم الشركات والمنظمات الخاصة بمساهمات أكبر في المستقبل”، مشيرةً إلى نهج تآزري لتطوير الذكاء الاصطناعي.
تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومستدام
تؤكد خطة الذكاء الاصطناعي، التي كلف بها الرئيس لولا المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا (CCT) في البرازيل، على التطبيق الأخلاقي والمستدام للذكاء الاصطناعي. من بين مكونات الخطة البارزة، يتمثل الهدف في امتلاك أحد أقوى خمسة حواسيب فائقة في العالم لزيادة القدرة الحاسوبية، رغم أن التفاصيل المحددة لم تُعلن بعد.
كجزء من أهدافها الأوسع، تسعى الحكومة إلى تعزيز نظم البيانات العامة المستضافة على سحابة سيادية برازيلية، مما يضمن الاستقلال التكنولوجي وسلامة البيانات وخصوصية المواطنين.
جهود إقليمية والطاقة المتجددة
بالتوازي مع الجهد الوطني، تقوم منطقة شمال شرق البرازيل بتعبئة صندوق بقيمة 44 مليار ريال برازيلي لجذب شركات تقنية المعلومات المتخصصة في مراكز البيانات. وأبرز دانييلو كابرال، رئيس وكالة التنمية في المنطقة (Sudene)، قدرة المنطقة على إنتاج 86% من الطاقة النظيفة في البرازيل، وهي ميزة استراتيجية لمواقع مراكز البيانات.
بدمج الذكاء الاصطناعي لمكافحة إزالة الغابات ومنع الكوارث الطبيعية وتعزيز الابتكار التجاري، يعدّ مبادرة الذكاء الاصطناعي في البرازيل قفزة هائلة نحو مستقبل تكنولوجي متقدم وقائم على الاعتماد الذاتي.
من خلال عرض استراتيجيتها الاستثمارية الدقيقة والمتقدمة في الذكاء الاصطناعي، لا تضع البرازيل فقط معيارًا لدول أمريكا اللاتينية، لكنها أيضًا تظهر التزامها بدمج الذكاء الاصطناعي بشكل مستدام وأخلاقي في نسيجها الاجتماعي والاقتصادي.
المصدر: رويترز و وكالات