جدول المحتويات
حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازًا مهمًا في الساحة العالمية للذكاء الاصطناعي، حيث احتلت المرتبة الخامسة في تصنيف “الأداة العالمية لقياس الحراك الحيوي 2024” الذي طوره معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان (HAI). ويعزز هذا الإنجاز مكانة الإمارات كواحدة من رواد الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، متفوقة على قوى كبرى مثل فرنسا وألمانيا واليابان.
يعكس التصنيف الاستثمارات الاستراتيجية للدولة، والمبادرات الحكومية القوية، والشراكات الدولية. ويؤكد الإنجاز التزام الإمارات بأن تصبح رائدة عالميًا في قطاع الذكاء الاصطناعي، وإثبات قدرتها على المنافسة مع اقتصادات أكبر وأكثر رسوخًا مثل الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة.
ولكن ما العوامل التي دفعت الإمارات إلى هذه المرتبة المتقدمة؟ دعونا نستعرض أبرز الابتكارات والمبادرات التي وضعت الإمارات في طليعة سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
ما هي الأداة العالمية لقياس الحراك الحيوي 2024؟
تحليل شامل للتنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي
تُعد الأداة العالمية لقياس الحراك الحيوي 2024، التي طورها معهد ستانفورد HAI، أداة شاملة لتقييم 36 دولة عبر 42 مؤشرًا خاصًا بالذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه المؤشرات مجالات مهمة مثل إنتاج الأبحاث، الاستثمارات الخاصة، براءات الاختراع، وتطوير البنية التحتية.
ما يميز هذه الأداة هو مرونتها، حيث يمكن للمستخدمين تعديل الأوزان والقيم الخاصة بالمؤشرات المختلفة، مما يتيح تقييمًا مخصصًا لتقدم الدول في مجال الذكاء الاصطناعي. وتُعتبر هذه الأداة واحدة من أكثر المعايير شمولاً لقياس التنافسية الوطنية في الذكاء الاصطناعي.
موقع الإمارات المميز
جاءت الإمارات في المرتبة الخامسة عالميًا في التصنيف، متفوقة على دول عريقة في القطاع مثل:
- فرنسا (المرتبة 6)
- ألمانيا (المرتبة 7)
- اليابان (المرتبة 8)
أما المراتب الأربع الأولى عالميًا فقد احتلتها الولايات المتحدة، الصين، المملكة المتحدة، والهند. ويبرز تقدم الإمارات على اقتصادات متقدمة أخرى نتيجة سياساتها المبتكرة ونهجها الاستراتيجي في تطوير الذكاء الاصطناعي.
العوامل الرئيسية وراء نجاح الإمارات في الذكاء الاصطناعي
1. الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي
يعود صعود الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي إلى استثماراتها الكبيرة في تطوير البنية التحتية. فقد أنشأت الحكومة مرافق بحثية متطورة مثل معهد الابتكار التكنولوجي (TII) في أبوظبي، الذي يركز على أبحاث الذكاء الاصطناعي والتطورات التكنولوجية المتقدمة.
إضافةً إلى ذلك، جذبت الإمارات استثمارات القطاع الخاص وعقدت شراكات مع عمالقة التكنولوجيا العالميين. وساهمت هذه الاستثمارات في تعزيز بنيتها التحتية التكنولوجية ووضع الدولة كمركز بارز لأبحاث وابتكارات الذكاء الاصطناعي.
2. المبادرات الحكومية لدعم الذكاء الاصطناعي
منذ إطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 في عام 2017، نفذت الدولة سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات متنوعة مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والنقل. كما أدى تعيين وزير دولة للذكاء الاصطناعي إلى ضمان تنسيق الجهود الحكومية وتنفيذ السياسات بفعالية.
علاوة على ذلك، طوّرت الإمارات إرشادات أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، تركز على الشفافية والعدالة والمسؤولية. وحازت هذه المقاربة المتوازنة بين الابتكار والتنظيم على تقدير دولي، لتصبح الإمارات نموذجًا يُحتذى به في تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة.
3. الشراكات والتعاونات الدولية
عملت الإمارات بنشاط على تعزيز التعاون الدولي لدفع طموحاتها في الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يبرز استثمار قيمة 1.5 مليار دولار من قبل “مايكروسوفت” في شركة G42 الإماراتية، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، كدليل على جاذبية الإمارات كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
كما شاركت الإمارات في منتديات دولية للترويج للتنمية الأخلاقية في مجال الذكاء الاصطناعي، مما عزز سمعتها كقائدة مسؤولة ومتقدمة في هذا القطاع.
تحليل مقارن: الإمارات مقابل القوى العالمية
الريادة في العالم العربي
يثبت تصنيف الإمارات الخامس عالميًا أنها تتصدر العالم العربي في تنافسية الذكاء الاصطناعي. مقارنةً بذلك، حصلت المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر قوة إقليمية أخرى في المجال، على المرتبة 14 عالميًا وفقًا لتصنيف Global AI Index 2024 الصادر عن Tortoise Intelligence.
الوضع العالمي
تمكنت الإمارات من التفوق على دول تقليدية رائدة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي:
- فرنسا (المرتبة 6): رغم إنفاقها الحكومي الكبير واهتمامها بالنماذج مفتوحة المصدر، إلا أنها تتخلف عن الإمارات فيما يتعلق بالابتكار في القطاع الخاص.
- ألمانيا (المرتبة 7): رغم تحسنها، إلا أنها تباطأت في تبني الذكاء الاصطناعي بفعالية وتطوير مبادرات استراتيجية.
- اليابان (المرتبة 8): رغم أن لديها بيئة تقنية قوية، إلا أن تركيزها على الذكاء الاصطناعي قد شهد تراجعًا نسبيًا.
صعود الإمارات إلى المرتبة الخامسة في تصنيف “الأداة العالمية لقياس الحراك الحيوي 2024” يعكس رؤيتها الاستراتيجية وسياساتها الابتكارية والتزامها بالريادة العالمية في الذكاء الاصطناعي. من خلال إعطاء الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية، وتعزيز الشراكات الدولية، ووضع أطر تنظيمية قوية، أرست الدولة أساسًا قويًا لنمو مستدام في هذا القطاع.
ومع استمرار الإمارات في الصعود ضمن تصنيفات الذكاء الاصطناعي العالمية، تبرز كأحد اللاعبين الرئيسيين ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بل على الساحة الدولية. ومع طموحاتها الكبيرة ومبادراتها المستمرة، فإن الإمارات تسير بخطى ثابتة نحو إعادة تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، ملهمةً بذلك الدول الأخرى للسير على خطاها.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: إلى أي مدى يمكن أن تصل الإمارات في سعيها لتصبح قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟ شيء واحد مؤكد—رحلتها ستكون محل اهتمام العالم أجمع.