أظهرت بحث علمي جديد أجرتها جامعة الملك عبدالعزيز التوصل إلى تقنيات وأساليب مبتكرة في سبيل تعزيز القدرات الذكائية ضمن البيئات والبرامج التكنولوجية الحديثة عبر استعمال الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الجهود في سياق السعي لرفع مستوى الدقة في التوقعات وتعزيز فاعلية اتخاذ القرار، إلى جانب تحسين عملية تخصيص الموارد في الأنظمة المتطورة ذات الطابع الذكي.
تقع هذه البحث العلمي ضمن نطاق كلية علوم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات، وقد شملت الدراسة فريقا يضم الباحث نديم عبد الله مليباري ومشرفيه الأستاذ الدكتور إياد كاتب والأستاذ الدكتور راشد محمود. سلطت الدراسة الضوء على كيفية الاستفادة من الكميات الهائلة من البيانات المولدة بواسطة الأجهزة الذكية وإنترنت الأشياء بالإضافة إلى التطورات التكنولوجية، وذلك بهدف تعزيز عمليات اتخاذ القرارات الواقعة على أساس معطيات معينة، وتحسين ذكاء الأنظمة الحديثة وكفاءتها على نحو شامل.
ركزت هذا البحث العلمي على التقدمات المبتكرة التي تحتوي على التجاوب الفعال مع المحيط، وتقييم البيانات المعقدة، وصنع القرارات العاجلة المستندة على المعرفة، من خلال تحديد أربعة جوانب أساسية تشمل النظم والهياكل الرقمية، وتناول البيانات والمعلومات، والكشف وإنترنت الأشياء مع إنشاء البيانات، والحراك. ومن ثم، وضعت هذا البحث قاعدة متينة لنمو الأنظمة الذكية.
ساهمت هذه الدراسة في تعزيز الفهم العميق لهذه المقومات الرئيسية لتحقيق تقدم أكبر في مجال الأنظمة الذكية. تقدم الدراسة منهجاً متكاملاً وتطبيقياً لتحسين الأنظمة الذكية ضمن قطاع تكنولوجيا المعلومات المالية، كما تزود المنهجية المطروحة المؤسسات المالية بمجموعة الأدوات والطرق اللازمة للاستفادة القصوى من عمليات اتخاذ القرار المبنية على التحليل الدقيق للبيانات.
استناداً إلى ما أسفرت عنه الدراسة، يمكن للمؤسسات أن تتأقلم مع التغيرات السريعة في الأسواق واستغلال الفرص المربحة ضمن البيئة المالية التنافسية التي تعتبر جزءاً من قطاع التقنية المالية. بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه الدراسة في تقديم استراتيجية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتهدف لتحسين تطبيقات التقنية المالية. وتستخدم هذه الاستراتيجية بالاعتماد على اثنين من الأنماط التقنية الحديثة وهما “محولات الرؤية” و”التعلم المدعم بالمحولات”.
اعتمدت الدراسة على أنماط “ترانسفورمرز الرؤية” التي تم تطويرها أصلاً لتصنيف الصور. وتتميز هذه الأنماط بخاصية “الانتباه الأني” التي تسمح لها بإدراك العلاقات الممتدة في البيانات. بناءً على ذلك، تم استخدامها لزيادة دقة تصنيف البيانات المتتابعة في ميادين التمويل المعتمد على التكنولوجيا ولإنجاز تنبؤات محكمة.
يعزى ذلك إلى الكفاءة المميزة لـ “محولات الرؤية” في استنباط الترابطات الزمنية وتحديد الأنساق المكانية المعقدة من خلال تحليل البيانات المتتابعة.
بيّنت الدراسة أن القسمة الدقيقة للبيانات إلى قطع صغيرة مع إدخال التشفير الخاص بالمواقع يسهم في إجراء تحليل دقيق ومؤثر للمعطيات المالية. وفي الناحية المقابلة، يتميز التعلم الآلي المعتمد على المحولات بقدرته على تمثيل عمليات صنع القرار المعقدة ضمن الأنظمة الذكية، ويعمل على دمج المعلومات الواردة ضمن السياق العام وتوجيه قرارات مستندة على المعطيات التأريخية وأحوال السوق المالية.
يمكن لهذا المنهج أن يفتح المجال لوضع خطط استثمارية ذكية باستعمال الروبوتات المالية وتقديم المشورة الاستثمارية الآلية. تُعرض المشورة الآلية كخدمة مبنية على تحليلات دقيقة للبيانات وتطبيق الخوارزميات لتقديم إرشادات وتوصيات في مجالات استثمارية كالأسهم والسندات والصناديق المشتركة. هذه المشورة تستند إلى تقييم معطيات المستثمر الشخصية، تحديد الغايات الاستثمارية والتوقعات، قياس مدى تقبله للمخاطرة، قرار الإستراتيجية الاستثمارية الأنسب، بالإضافة إلى مراقبة الأداء وتعديل الإستراتيجية حسب الحاجة.
بيّنت الدراسة أن الاستشارات الروبوتية تستند إلى صيغ رياضية مركبة وتحليلات إحصائية لتحقيق أداء ممتاز وإصدار توصيات دقيقة. هذا يتم من خلال تطوير القوى التحليلية واتخاذ القرارات الواعية في مجال التمويل، وتوفير نتائج محسنة وعالية الكفاءة للمتاجرين والمستثمرين. كما تسهم النتائج التي تقدمها هذه الدراسة في تقوية عالم التكنولوجيا المالية وتحسين أداء الأنظمة الذكية. وتساعد هذه الطرق الحديثة على زيادة الدقة في التنبؤات، تحسين قدرات اتخاذ القرارات، وتعظيم الكفاءة في توزيع الموارد بالأنظمة الذكية، مما يؤدي إلى دعم نجاح الشركات والمؤسسات ضمن بيئة التكنولوجيا المالية المتقلبة والتنافسية.