شهد مؤتمر “ميتا كونكت 2024” الذي عُقد يوم الأربعاء سلسلة من الإعلانات الرائدة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء، والتي تهدف إلى إحداث تحوّل جذري في طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا. ومن بين هذه الإعلانات، كان هناك شراكة مهمة بين شركة “ميتا” وعملاق التكنولوجيا “آرم”، حيث كشفت الشركتان عن خططهما لتطوير نماذج الذكاء اللغوي الصغير (SLMs)، وهي نماذج ذكاء اصطناعي محسّنة تم تصميمها لتقديم قدرات متقدمة مباشرة إلى الهواتف الذكية والأجهزة الذكية الأخرى. وتعد هذه النماذج بتقديم طرقٍ جديدة للتفاعل مع الأجهزة من خلال تنفيذ استنتاجات الذكاء الاصطناعي على الأجهزة بشكل أسرع.
ووفقًا لتقرير صادر عن موقع “سي نت” (CNET)، تهدف هذه الشراكة إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على تنفيذ مهام معقدة جدًا على الأجهزة المحمولة. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي في هذه النماذج أن يعمل كمساعد شخصي افتراضي يقوم بإجراء المكالمات أو التقاط الصور بشكل تلقائي. وفي حين أن أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية تؤدي بالفعل مجموعة متنوعة من المهام مثل تحرير الصور وكتابة الرسائل الإلكترونية، إلا أن التفاعل عادةً ما يتطلب إدخال المستخدم عبر أوامر أو واجهات. أما “ميتا” و”آرم”، فتتصوران مستقبلًا يمكن فيه لمساعدي الذكاء الاصطناعي توقع احتياجات المستخدمين والاستجابة لها دون الحاجة إلى طلب صريح.
تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي على الأجهزة المحمولة من خلال الحوسبة الطرفية
أحد التحديات الأساسية في تمكين قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة على الأجهزة المحمولة يكمن في تجاوز حدود قوة المعالجة الموجودة. تسعى “ميتا” و”آرم” إلى معالجة هذا التحدي من خلال مزيج من الذكاء الاصطناعي على الأجهزة و الحوسبة الطرفية، وهي استراتيجية تهدف إلى تقريب موارد الحوسبة من الجهاز لتقليل التأخير وتعزيز الأداء. وكما يقول راجاف سرينيفاسان، نائب رئيس إدارة المنتجات في الذكاء الاصطناعي التوليدي لدى “ميتا”، فإن هذه الشراكة تمثل “فرصة ممتازة لتسريع تقدم الذكاء الاصطناعي عبر تحسين نماذج الذكاء الاصطناعي للأجهزة الطرفية.”
بالرغم من أن “ميتا” سبق وطورت نماذج لغة كبيرة مثل Llama 3.2 والتي تحتوي على أكثر من 90 مليار متغير، فإن هذه النماذج الضخمة لا تصلح للأجهزة الصغيرة بسبب حجمها ومتطلبات المعالجة. وهنا يأتي دور النماذج المصغرة (SLMs). عبر تقليص حجم النماذج، تأمل “ميتا” و”آرم” في تمكين تفاعلات ذكاء اصطناعي متطورة في الوقت الفعلي على أجهزة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
مستقبل الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
بعيدًا عن قابلية التوسع، تهدف الشراكة أيضًا إلى تعزيز نماذج الذكاء الاصطناعي بميزات تتجاوز مهام مثل إنشاء النصوص أو الرؤية الحاسوبية، والتي تُعدّ اليوم وظائف أساسية. تعمل “ميتا” و”آرم” بشكل وثيق لتكييف هذه النماذج لمعالجة البيانات على الأجهزة مباشرة، والتأكد من تحسينها للأجهزة المحددة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وحتى الحواسيب المحمولة. هذا الانسجام بين البرمجيات والأجهزة يُعد أمرًا حاسمًا لتحقيق أداء عالٍ في التطبيقات الحقيقية.
ورغم أن التفاصيل المتعلقة بالنماذج والميزات المعينة ما تزال نادرة، إلا أن الرؤية واضحة: إعادة تعريف طريقة التفاعل مع الأجهزة، وجعل الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة وذكاءً واستجابة. من المحتمل أن تشكل هذه الشراكة مستقبل الأجهزة الذكية، حيث ينمو الطلب على الذكاء الاصطناعي الأسرع والأكثر موثوقية سواء في الأسواق الاستهلاكية أو التجارية.
تشير الشراكة بين “ميتا” و”آرم” إلى بداية حقبة جديدة في ابتكارات الذكاء الاصطناعي، حيث يتلاقي الذكاء الاصطناعي على الأجهزة مع الحوسبة الطرفية لتقديم قدرات غير مسبوقة. من خلال تحسين هذه النماذج لتناسب الأجهزة المحمولة، تهدف الشركتان إلى جعل الأجهزة الذكية أكثر ذكاءً واستجابةً وأسهل في الاستخدام من أي وقت مضى. ومع تزايد اندماج الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، قد تكون هذه الشراكة نموذجًا للجيل القادم من التطورات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. فمستقبل الذكاء الاصطناعي على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لا يتعلق فقط بجعل هذه الأجهزة أسرع، بل بتغيير جوهري في كيفية تفاعلنا معها، مما يجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ وسلسًا ضمن تجربتنا الرقمية.