جدول المحتويات
أطلقت وزارة التحول الرقمي في موريتانيا، يوم الجمعة، ورشة عمل لإطلاق “الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2029”. وتعتبر هذه الورشة، التي قادها وزير التحول الرقمي أحمد سالم ولد عبد الدائم، لحظة محورية لمستقبل البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه الاستراتيجية الطموحة إلى تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتحديث البنية التحتية للبلاد، وتعزيز القدرات البشرية، والتشجيع على الابتكار التكنولوجي في مجموعة من القطاعات.
ومع التطور السريع الذي يُحدثه الذكاء الاصطناعي على مستوى الصناعات العالمية، تسعى موريتانيا لتعزيز موقعها كقائدة في غرب إفريقيا من خلال الاستثمار النشط في هذه التكنولوجيا. وتولي الحكومة الأولوية لتنمية المواهب المحلية وتحسين البنية التحتية الرقمية، ما يمهد لعصر جديد من النمو القائم على الذكاء الاصطناعي. ويعكف البلد على تحسين الخدمات العامة، وتعزيز الرعاية الصحية، ورفع تنافسيته على الساحة العالمية بفضل القدرات التحولية للذكاء الاصطناعي.
الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي: التركيز على بناء القدرات البشرية والابتكار
تتجاوز الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2029 مجرد تطوير التكنولوجيا، حيث تركز أيضًا على تمكين المواطنين الموريتانيين. وذكر الوزير أحمد سالم ولد عبد الدائم أن هذه الاستراتيجية سيتم تنفيذها في المستقبل القريب بهدف “تعزيز القدرات البشرية وتسريع البحث العلمي والابتكار التكنولوجي”. من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، تسعى موريتانيا إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة يسهم فيه الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم وحوكمة البيانات.
وتشمل الاستراتيجية أيضًا تحديث البنية التحتية الرقمية وتحسين حوكمة البيانات لدعم دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات. وتلتزم الحكومة بتهيئة بيئة تمكّن الذكاء الاصطناعي من دفع عجلة الابتكار، بما في ذلك الأنظمة الآلية وتطبيقات المدن الذكية، لضمان استفادة جميع القطاعات من التحولات الرقمية. وتباعاً لذلك، ستتمكن موريتانيا من تلبية التحديات التقنية المتزايدة في القرن الحادي والعشرين مع ضمان تقديم الذكاء الاصطناعي لخدمات تخدم المواطنين.
الذكاء الاصطناعي في الصحة والتعليم: الكشف المبكر عن الأمراض والتعليم المخصص
من بين أبرز جوانب الاستراتيجية الموريتانية في الذكاء الاصطناعي تطبيقاتها في مجالي الصحة والتعليم. ففي قطاع الصحة، سيُستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الأمراض من خلال تحليل الصور الطبية، ما يمكن الأطباء من تقديم علاجات دقيقة وفي الوقت المناسب. ومن المتوقع أن يُحدث ذلك تحسينات كبيرة في البنية التحتية الطبية لموريتانيا، خصوصًا في المناطق الريفية حيث يعاني السكان من نقص في الخدمات الصحية. وقد يساهم إدماج الذكاء الاصطناعي في الصحة في تخفيف الضغط على الموارد البشرية، مما يزيد من كفاءة استخدام الأطباء والأدوات المتاحة.
أما في مجال التعليم، سيتم توظيف الذكاء الاصطناعي لإنشاء منصات تعليمية ذكية تقدم تجارب تعليمية مخصصة لكل طالب. وهذا سيمكن المعلمين من تصميم مناهج تعليمية تراعي احتياجات كل طالب على حدة، مما يضمن إتاحة تعليم عالي الجودة لجميع الطلاب بمختلف مستوياتهم. هذه المنصات ستساهم في دمقرطة التعليم وتحسين نتائجه عبر جعل التعلم أكثر تفاعلية واعتمادًا على البيانات.
الأولويات الاستراتيجية: ستة مجالات رئيسية لدفع الذكاء الاصطناعي إلى الأمام
بحسب تيرنو بارو، مدير الاستراتيجيات والتعاون بوزارة التحول الرقمي، فإن استراتيجيات موريتانيا في مجال الذكاء الاصطناعي ترتكز على ستة أولويات استراتيجية، و16 هدفًا محددًا، و38 إجراءً عمليًا. وستسهم هذه الأولويات في توجيه جهود الدولة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الأساسية، ووضع خارطة طريق للتنمية المستدامة والابتكار.
تخطط موريتانيا لتنفيذ عدة مشاريع ملموسة تهدف إلى تفعيل الذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل الطاقة والزراعة والتمويل. من خلال التركيز على هذه الأولويات، ليس فقط سيتم تحسين القدرات التكنولوجية للدولة، وإنما سيكون لإدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي دور في التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية الفريدة التي تواجه البلاد. تعكس هذه الخطة الشاملة الرؤية الوطنية لخلق مركز إقليمي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدفع هذه المبادرات إلى الأمام.
تعتبر الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2029 خطوة جريئة ورؤية مستقبلية تسعى إلى الاستفادة من القوة التحولية للذكاء الاصطناعي. ومن خلال التركيز على بناء القدرات البشرية، وتحديث البنية التحتية الرقمية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم، تسعى الدولة إلى جني ثمار هذه التكنولوجيا المتقدمة. ومع استمرار موريتانيا في تنفيذ هذه الاستراتيجية، سيكون من المهم مراقبة تقدمها، خاصة فيما يتعلق بمدى فعالية إدماج الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة ومدى تأثيره على حياة المواطنين العاديين.
وفي وقتٍ يُعد فيه الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية للابتكار العالمي، قد تصبح المقاربة التطلعية لموريتانيا نموذجًا يُحتذى به لدول أخرى تسعى لاستغلال الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة. من خلال إعطاء الأولوية للبحث والتعليم والرعاية الصحية، تمهد الحكومة الطريق لمستقبلٍ يكون فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي لدولة موريتانيا.
المصدر: الاخبار الموريتانية