جدول المحتويات
تمثل النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي نظمتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لحظة حاسمة في مسيرة المملكة نحو أن تصبح مركزًا رائدًا للابتكار التكنولوجي. وتأتي هذه القمة تماشيًا مع تطلعات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتؤكد التزام السعودية باستغلال الذكاء الاصطناعي لتحقيق الأهداف الطموحة المحددة في رؤية 2030.
خلال مؤتمر صحفي في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات، أكد الدكتور عبد الله الغامدي، رئيس سدايا، على التقدم الذي أحرزته المملكة في مجالي الذكاء الاصطناعي والبيانات. ومع 32,000 مشارك مسجل و456 متحدثاً من أكثر من 100 دولة، تتوقع القمة أن تكون مكاناً لتجمع الأفكار والتعاون. كما أعلنت سدايا عن توقيع 70 اتفاقية، مما يبرز دورها الفعال في النظام البيئي العالمي للذكاء الاصطناعي.
تعكس القمة، التي نمت منذ انطلاقتها في 2020، قفزة كبيرة في المشهد التكنولوجي السعودي. تحت قيادة الملك سلمان وولي العهد، ترمز هذه التجمعات إلى التزام المملكة باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق التقدم المحلي والعالمي والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ريادة الذكاء الاصطناعي للخير العالمي
يتجلى السعي الدائم لسدايا للتميز منذ تأسيسها في 2019 في مبادراتها الاستراتيجية لوضع السعودية بين الاقتصادات العالمية الرائدة في الذكاء الاصطناعي والبيانات. وتعد القمة دليلًا على هذه الجهود، إذ تعرض مزيجًا من الخبرات المحلية والدولية في مجال الابتكار بالذكاء الاصطناعي.
وضعت القمة الافتتاحية في 2020 الأسس مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي. هذه الاستراتيجية أبرزت التزام سدايا بقيادة اتجاه الذكاء الاصطناعي والبيانات في البلاد، مما ساهم في بناء اقتصاد قائم على المعرفة. نتيجة لذلك، حظيت السعودية باعتراف عالمي، حيث حلت في المرتبة الأولى في العالم في استراتيجية الذكاء الاصطناعي الحكومية.
من أبرز الأحداث التاريخية للقمة مسابقة “آرتاثون”، التي استكشفت تقاطع الذكاء الاصطناعي والإبداع. شارك علماء من أنحاء العالم في هذا التحدي، ليثبتوا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز الإبداع البشري في مجالات مثل الشعر والسرد القصصي.
ركزت القمة الثانية في 2022 على تطورات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومهدت لإصدار 2024، الذي يهدف إلى معالجة التحديات المعاصرة والمسقبلية في الذكاء الاصطناعي. تسعى القمة لاستكشاف الواقع الحالي للذكاء الاصطناعي وتخيل التطورات المستقبلية وضمان الاستخدام الأخلاقي لهذه التقنيات التحويلية.
المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي وآثاره الاقتصادية
سلط الدكتور عصام الوكيل، مدير المركز الوطني للمعلومات، الضوء على القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات. ويتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بـ15 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، وأن يصل نمو السوق إلى قرابة تريليون دولار بحلول نهاية العقد. يعتمد هذا النمو على زيادة الاستثمارات في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، معترفاً بقدرتها على دفع التقدم الاقتصادي ومعالجة التحديات العالمية.
توضح التقارير الحديثة من شركات استشارية مثل “ماكينزي” و”ديلويت” الكفاءات التشغيلية التي يجلبها الذكاء الاصطناعي للمؤسسات. وفقاً لتقرير 2024 لماكينزي، فإن البيانات والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تقلل التكاليف التشغيلية بنسبة 20-25%. وبالمثل، وجدت ديلويت أن أتمتة العمليات الروبوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز الكفاءة التشغيلية بنسبة 20-30%.
يلعب الذكاء الاصطناعي أيضًا دورًا مهمًا في تطوير المدن. يُظهر استبيان بلومبيرغ أن 69% من المدن تستفيد من الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين جودة الحياة، كما هو الحال في تحسين استخدام الطاقة والظروف البيئية وإدارة تدفق حركة المرور. يمثل مركز التميز لحلول المرور لـ “سدايا” مثالاً على هذه الجهود، حيث يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتعزيز سلامة الطرق ومعالجة الزحام في السعودية.
الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية وتكامل الإنسان
يوجد للذكاء الاصطناعي إمكانات تحويلية في مجال الرعاية الصحية، مع تقدم في المعدات الطبية والتشخيص. فقد وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية على 950 جهاز طبي معتمد على الذكاء الاصطناعي اعتبارًا من أغسطس 2023. في السعودية، أطلقت سدايا، بالتعاون مع وزارة الصحة، مركز التميز للذكاء الاصطناعي في الصحة لتطوير حلول ذكاء اصطناعي للكشف المبكر عن الأمراض، بما في ذلك السرطان وأمراض الشبكية.
أكد الدكتور الوكيل أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإنسان تكاملية وليست تنافسية. وقد اشتدت الحاجة إلى مختصين مهاريين في الذكاء الاصطناعي، مما حث المؤسسات على الاستثمار في تطوير المهارات لزيادة الإنتاجية والابتكار. يعتبر التآزر بين الذكاء الاصطناعي والإنسان محوريًا لدفع التقدم حيث يمتلك كل منهما نقاط قوة فريدة.
تعمل قمة الذكاء الاصطناعي العالمية 2024 كمحرك للابتكار، حيث تجمع خبرات متنوعة لاستكشاف التأثير المعقد للذكاء الاصطناعي على المجتمع. وتسلط القمة الضوء على الدور الاستراتيجي للسعودية في تعزيز الحوار العالمي حول أخلاقيات وحوكمة الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة. ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الصناعات والمجتمعات، تضع التزام المملكة بتطوير هذه التقنيات في موقع ريادي في المستقبل المعتمد على الذكاء الاصطناعي.
تعد القمة ليست مجرد تجمع للعقول، بل محفزًا للجهود التعاونية لفتح الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي لصالح البشرية. ومع تطلعنا إلى المستقبل، ستستمر عملية دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الحياة بتقديم فرص غير مسبوقة للنمو والابتكار والتقدم الاجتماعي.
المصدر: واس