جدول المحتويات
في محاولة لاستغلال الساحة العالمية للأولمبياد، أطلقت جوجل إعلانها “عزيزتي سيدني” الذي يبرز نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها، “جيميني”. إلا أن الإعلان، بدلاً من تحقيق الرنان العاطفي المقصود، أثار ردود فعل سلبية كبيرة بسبب تصويره المبتذل لدور الذكاء الاصطناعي في التفاعلات البشرية الشخصية.
الفكرة الرئيسية: أب، ابنة، وذكاء اصطناعي
يركز الإعلان على أب يرغب في مساعدة ابنته، وهي رياضية شابة طموحة، على كتابة رسالة معجبين لنجمها، البطلة الأولمبية وحاملة الرقم القياسي العالمي في سباق 400 متر حواجز، سيدني ماكلوجلين ليفرون. بدلاً من تشجيع ابنته على كتابة الرسالة بنفسها، يلجأ الأب إلى نموذج الذكاء الاصطناعي “جيميني” من جوجل لصياغة الرسالة. يقول الراوي الأب: “تريد أن تُظهر لسيدني حبها، وأنا جيد بالكلمات، لكن هذا يجب أن يكون مثاليًا”، مما يمهد الطريق لتدخل الذكاء الاصطناعي.
الاستنكار العام: فقدان الاتصال العاطفي
لم يُستقبل الإعلان بشكل جيد. حيث يجادل النقاد بأنه يقوض التجربة الإنسانية الأساسية في التعبير عن المشاعر والأفكار الشخصية. وصف شيللي بالمر، أستاذ الإعلام في جامعة سيراكيوز، الإعلان بأنه “واحد من أكثر الإعلانات إزعاجًا” التي رآها على الإطلاق. وأكد أن جوهر الإنجازات الشخصية والإلهام يجب أن يتم التواصل عنه من خلال الجهد البشري الصادق، وليس من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي.
دروس في الذكاء الاصطناعي والتفاعل البشري
تسلط الجدل حول إعلان جوجل الضوء على عدة نقاط رئيسية حول تصور الجمهور للذكاء الاصطناعي. في حين يتفوق الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات مثل تحليل البيانات والأتمتة، فإن دوره في المهام الشخصية والعاطفية يظل مسألة مثيرة للجدل. يشير رد الفعل العكسي إلى أن الناس لم يكونوا بعد مستعدين لقبول الذكاء الاصطناعي كبديل للتعبير البشري، خاصة في السياقات المشحونة بالعواطف مثل كتابة رسالة صادقة.
ردود الفعل الصناعية والمقارنات
لم تقتصر الانتقادات على جوجل فقط. قارن استراتيجي العلامات التجارية، مايكل مرافلور، الإعلان بإعلان آيباد الذي تعرض لانتقادات واسعة من شركة أبل في مايو، مشيرًا إلى أن كليهما يعانيان من “نوع من عدم الحساسية لمخاوف ومخاوف الأغلبية”. على LinkedIn، تساءلت استراتيجي التسويق لولا باكاري عن فكرة الإعلان، قائلة: “أليس السحر كله في أن الطفل يكتب الرسالة بنفسه؟”
على الرغم من ردود الفعل السلبية، فإن إعلان جوجل هو جزء من اتجاه أوسع بين الشركات التكنولوجية لعرض قدرات الذكاء الاصطناعي في سيناريوهات عاطفية. كما أطلقت مايكروسوفت إعلانًا مستوحى من الأولمبياد يركز على التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي الخاص بها “Copilot” في Microsoft 365، مثل توليد رؤى من بيانات معدل ضربات القلب وإنشاء عروض تقديمية. وعلى عكس إعلان جوجل، لم يواجه إعلان مايكروسوفت نفس القدر من الانتقادات، ربما بسبب تركيزه على تعزيز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها.
الخاتمة: مستقبل الذكاء الاصطناعي في السياقات العاطفية
يعد رد الفعل العكسي ضد إعلان جوجل “عزيزتي سيدني” درسًا تحذيريًا للشركات التكنولوجية. رغم الإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي، فإن استخدامه في السياقات الشخصية والعاطفية يحتاج إلى التعامل بحذر. مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيكون من الضروري تحقيق التوازن الصحيح بين الأتمتة والأصالة البشرية لاكتساب ثقة الجمهور وقبوله. قد لا تكون الأولمبياد، التي تحتفل بالروح الإنسانية والإنجازات، أفضل منصة لعرض قدرات الذكاء الاصطناعي في المهام التي هي بطبيعتها إنسانية.
من خلال الاعتراف بهذه الفروق الدقيقة، يمكن لمطوري ومسوّقي الذكاء الاصطناعي التنقل بشكل أفضل في المنظومة المعقدة لتصور الجمهور والاعتبارات الأخلاقية، مما يضمن أن تكون ابتكاراتهم مؤثرة ومحبوبة في آن واحد.