أكد الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي، رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، أن العالم على أعتاب تحوّل تقني كبير يدفعه التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي. وأوضح أن تحقيق فوائد هذه التطورات يتطلب التفاعل مع قدرات التغيير في هذا المجال، مشيراً إلى أن دور الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030 لن يكون مقتصراً على الحياة اليومية، بل سيكون أساساً لتقدم ونجاح الدول في العالم.
وصرح بهذا في خطابه الذي ألقاه اليوم في مؤتمر مبادرة “GREAT FUTURES” الذي يعقد في الرياض في مركز الملك عبد الله المالي “كافد”، بهدف تعزيز الروابط الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة في عدة قطاعات بالإضافة إلى تعزيز التجارة والاستثمار المشترك.
قال: “إن رؤيتنا الطموحة في المملكة تتبنى توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -، وبناءً على هذه التوجيهات، تم إطلاق عدد من المبادرات الوطنية لتعزيز مكانة المملكة كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. هدفنا ليس فقط الفخر الوطني وإنما تحقيق ميزة تنافسية مستدامة، وهذا ليس اختياراً بل ضرورة ملحة”.
أشار المتحدث إلى أنه تم إطلاق حلول ابتكارية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف معينة، مثل التشخيص الدقيق لحالات فقد البصر بسبب اعتلال الشبكية السكري والذي استفاد منه أكثر من 600 مريض. وأوضح أن منصة “استشراف” تخدم أكثر من 100 صانع قرار حكومي وتسهل الوصول إلى الخدمات الرقمية، مع تحقيق وفورات مالية تزيد عن 51 مليار ريال.
أشار إلى أن “سدايا” قد قامت بتدريب أكثر من 700 معلم و20 ألف طالب وطالبة على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إطار مبادرة “برنامج مبرمجي ذكاء المستقبل. كما أكد أن أكاديمية “طويق” تعتبر شاهداً على التزام “سدايا” بتطوير القدرات البشرية في مجال التقنيات المتقدمة. وأوضح أن المملكة تعمل بالتعاون مع جامعة أكسفورد وغيرها من المؤسسات الدولية الكبيرة لتوفير التدريب العملي في مجال الذكاء الاصطناعي للطلاب والموظفين.
أكد وزير الخارجية أن المملكة تسعى لتكون زعيمة في مجال تشريعات الذكاء الاصطناعي، حيث تستضيف الرياض المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي “iCAIRE” برعاية اليونسكو، ووضعت معايير حوكمة شاملة لإدارة البيانات، وأقرت قانون حماية البيانات الشخصية، وأصدرت مبادئ توجيهية لتطوير الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن التزام سدايا بالذكاء الاصطناعي يشمل زيادة الوعي بإمكانياته وفهمه، حيث سجل الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي “أذكى” رقمًا قياسيًا بمشاركة 260 ألف طالب وطالبة هذا العام. ونظمت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي أقيمت في الرياض خلال عامي 2020 و2022 حوارات دولية واجتذبت أكثر من 10 آلاف زائر، بما في ذلك صانعي السياسات والخبراء والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي من 90 دولة. وساهمت هذه المبادرات في جعل المملكة تحتل المرتبة الثانية عالميًا في مجال الوعي بالذكاء الاصطناعي، وفقًا لتقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2023 من جامعة ستانفورد.
أكدت معاليه أن المملكة تتطلع إلى تكثيف جهود التعاون وتوسيع شراكاتها الدولية مع دول العالم، مشيرًا إلى أن بريطانيا تعتبر شريكًا أساسيًا في مسار التطور في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث شاركت المملكة في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي التي استضافتها بريطانيا في بلتشلي بارك في نوفمبر 2023.
وجّه معالي الدكتور عبدالله الغامدي في نهاية كلمته دعوة لاستمرار هذا الحوار خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة التي ستنظمها سدايا في شهر سبتمبر القادم. وشجّع الجميع على اعتماد الذكاء الاصطناعي معًا، ليس فقط من أجل التقدم الذي سيحققه، ولكن أيضًا من أجل الازدهار الذي سيعود بالنفع على الفرد والمجتمع والدولة.