كما تحدثنا سابقا، فان صلب عملية التحول الرقمي هو استخدام التقنية لتغيير نماذج الأعمال، لذلك يجب اتباع نهج معين لتحقيق للنجاح في تطوير المؤسسات ، وان يكون هذا النهج مدروسا وبخطوات واضحة لتجنب الفشل، حيث اثبتت الكثير من الدراسات أن أقل من ثلث الجهود المبذولة للتحول الرقمي فقط تكلل بالنجاح واكثر من ثلثي المشاريع والتحولات تبوء بالفشل، فهل النجاح له مقومات ام أنه مجرد محض صدفة؟ أم أن هنالك استراتيجيات معينة يتوجب اتباعها لضمان النجاح؟
تعد القيادة أهم عنصر من عناصر التحول الرقمي، حيث تشكل القيادة مصدر المعلومات وبيت الأفكار والمحفز الأساسي للتحول الرقمي بالمؤسسة، بالإضافة إلى الرؤية الواسعة لرسم خارطة الطريق للوصول للهدف المنشود.
تتمثل قوة القيادة بأمرين مهمين للتأثير في عملية التحول الرقمي: القدرة على تنفيذ التحول، والسرعة في الأداء، لذلك فإنه يتعين على الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي الرقمي وكل من هم بالإدارة العليا تبني وجهة نظر واحدة متوافقة نحو التحول الرقمي وان يكونوا متحمسين نفسيا واداريا لإدارة وإنجاح عملية التحول بكل الأدوات الوسائل المتوفرة، وعمل خطوات ممنهجة نحو ذلك التحول عبر جدول زمني بأهداف واضحة، ومن تلك الخطوات عمل جلسات توعية بأهداف التحول الرقمي وأثره على المؤسسة، بالإضافة لتدريب و رفع سوية كافة أعضاء الإدارة العليا ومشاركتهم المسؤولية في قيادة عملية التحول، اذ أظهرت عدة دراسات أن نسبة نجاح التحول الرقمي تصل لأكثر من 70% في المؤسسات التي يشارك فيها كبار الموظفين والإدارة العليا في عملية التحول الرقمي بالإضافة لتوفر البرامج والأدوات المناسبة لدعم ذلك التحول.
وهنالك عنصر اخر مهم في عملية التحول وهو التواصل الفعال، إذ انه يجب وضع تصور شامل وواضح من الإدارة العليا بتفاصيل عملية التحول الرقمي، ونقل الصورة الكاملة للموظفين على كافة المستويات، ووضع البرامج والأدوات المناسبة للتحول وشرح آلية العمل برحلة التحول الرقمي، وضمان اقناع الموظفين بأنهم شركاء بالنجاح وأن الموضوع لا يتعلق بمجرد تغيير هيكلي للاستغناء عن جزء من الموظفين ، وانما التوضيح للموظفين بأن الوظائف محمية مع تعديلات في المهمات والمسؤوليات، وتوضيح ما يجب على الموظف فعله لتطوير مهاراته وقدراته وفهم التقنيات الحديثة اللازمة لإتمام عمله للانخراط بالمهمات الجديدة التي ستخلق بعد الانتهاء من عملية التحول الرقمي.
لذلك يتوجب عمل خريطة طريق واضحة يوضح فيها الجدول الزمني، والنتائج المتوقعة والمسؤوليات على كل مستوى من مستويات الموظفين، وعمل جدول بالدورات اللازمة لتطوير الموظفين كل حسب مسؤوليته وليس فقط لمجرد الانخراط بدورات تدريبية مختلفة لا تتفق مع مسؤولياته الجديدة وقد تستنزف قدرات المؤسسة المالية اذا لم توجه بالشكل الصحيح للشخص الصحيح، كما يُمثل تغيير الأفكار التقليدية لدى الموظفين تحديًا صعبًا في تحقيق التحول الرقمي، لكنه يُعد أحد أهم عوامل نجاح عملية التحول الرقمي على المدى البعيد، لان التفكير بدون الاقتناع بإيجابية وواقعية وحتمية التحول الرقمي لن يؤدي إلى نتيجة، وسيتبقى المؤسسة تتراوح في مكانها بين التخبط وتلاطم الأفكار وعدم القدرة على التقدم وانما تتجه نحو الفشل.
وهنالك أمر هام ومفصلي في عملية التحول وهو استخدام الأدوات الرقمية المناسبة، حيث تعد الأدوات الرقمية المناسبة هي حجز الزاوية في عملية التحول الرقمي، ويجدر بنا الحديث هنا انه لا يتوجب استخدام أدوات رقمية لمجرد الاستخدام وانما حسب طبيعة حاجة المؤسسة، فأحيانا قد تحتاج المؤسسة لعمل نظام تخطيط موارد بشرية (ERP) لإدارة موظفيها وسلاسل التزويد ومتابعة طلبات العملاء كما حصل في قصة نجاح شركة الدهانات الهندية(Asian Paints) والتي ساهم التحول الرقمي بتحويلها للشركة رقم 1 بالهند ورقم 3 بالقارة الاسيوية ورقم 9 على مستوى العالم وساهم التحول الرقمي برفع قيمة الإيرادات 100% خلال 8 سنوات بعد انجاز عملية التحول الرقمي ، واحيان قد تحتاج المؤسسة لمنصة تفاعلية متكاملة فقط لإنجاز التعاملات مع العملاء كبعض المؤسسات الحكومية، واحيانا قد تحتاج المؤسسة الى أدوات كثيرة ومختلفة منها تطبيقات السحابة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وروبوتات كما في المؤسسات الضخمة مثل امازون وشركة تسلا.
لذلك للوصول للتحول الرقمي بالشكل الصحيح يتوجب اختيار القيادة بالشكل الصحيح لأنها من سترسم وتنفذ وتقود ملية التحول بالشكل الصحيح، كما ان مسؤولياتها التواصل مع الموظفين وكسر الحواجز وأيضا يتحتم على القيادة على اختيار الأدوات المناسبة بالتنسيق والاستعانة بذوي الخبرة بالمجال والاستفادة من التجارب المشابهة لدعم التحول حتى ينجح نجاحًا حقيقيًا.
بقلم المهندس: بلال خالد الحفناوي
متخصص بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي
كيف نواكب التحول الرقمي الجزء الثاني