جدول المحتويات
في خطوة تؤكد التزامها بتحسين إنشاء المحتوى وتوسيع قاعدة الجمهور، أعلنت يوتيوب عن مجموعة من الميزات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي لتقديم الدعم للمبدعين، خاصة للقنوات الصغيرة. تم الكشف عن هذه الأدوات الجديدة من قبل الرئيس التنفيذي ليوتيوب، نيل موهان، خلال حدث ترويجي بمكتب غوغل في مانهاتن بالولايات المتحدة. ومن المقرر أن يتم طرح هذه الميزات على مدار عام 2023، بهدف جعل إنشاء المحتوى أكثر سهولة مع زيادة الفرص المالية للمبدعين.
أحد الابتكارات الرئيسية هو إدخال مقاطع فيديو قصيرة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، تتيح للمبدعين إنتاج مقاطع مدتها ست ثوانٍ مدمجة مع خدمة “يوتيوب شورتس”. تعتمد هذه الميزة على نماذج توليد الصور والفيديو المتقدمة من “غوغل ديب مايند”، مثل نموذج “Veo” للفيديو و”Imagen 3″ للصور، مما يساعد المنشئين على توليد محتوى عالي الجودة بأقل مجهود.
دور الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى على يوتيوب
ليست أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة في يوتيوب مجرد امتداد للقدرات الحالية، بل تمثل توجهًا تحوليًا في عملية إنشاء المحتوى. وفقاً لنيل موهان، فإن الذكاء الاصطناعي يشكل بالفعل جزءًا أساسيًا من منظومة يوتيوب، حيث يستخدم 92% من المبدعين أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي بطريقة أو بأخرى. تعتمد خوارزميات توصيات يوتيوب بشكل كبير على التعلم الآلي، وبهذا تساهم بشكل فعّال في تعزيز اكتشاف المحتوى وزيادة التفاعل.
مع تقديم هذه الميزات الجديدة، تسعى يوتيوب إلى اتخاذ خطوة أكبر من خلال إدماج الصور والنصوص المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن خاصيتها “Inspiration”. سيتيح هذا للمبدعين الحصول على اقتراحات وأمثلة لإلهامهم أثناء إنتاج المحتوى، مما يسهم في تبسيط العملية الإبداعية. بالإضافة إلى ذلك، تعتزم يوتيوب تقديم ميزة “الردود المحسّنة بالذكاء الاصطناعي”، والتي ستمكّن المبدعين من الرد على تعليقات الجمهور بشكل أكثر فاعلية ودقة.
علاوةً على ذلك، سيحمل كل المحتوى الذي يتم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي على يوتيوب علامة مائية “SynthID” التي طورتها “ديب مايند”، وذلك لضمان الشفافية والمصداقية في المحتوى الإعلامي الذي تم توليده بواسطة الذكاء الاصطناعي.
توسيع نطاق التفاعل والمداخيل
إلى جانب هذه الأدوات الإبداعية، يطلق يوتيوب ميزات تهدف إلى تعزيز فرص تحقيق الدخل للمبدعين. من أبرز هذه الميزات خاصية “Hype”، التي ستكون متاحة للقنوات التي تقل أعداد مشتركيها عن 500,000 مشترك. تتيح هذه الميزة للمشاهدين الترويج للمقاطع عبر الضغط على زر مخصص، مما يساعد على رفع ترتيب الفيديوهات في قوائم المحتوى الرائج. تم تصميم هذه الأداة التفاعلية لتعزيز ظهور المبدعين الصغار وتمكينهم من التنافس في فضاء رقمي مزدحم.
إضافة إلى “Hype”، أعلنت يوتيوب عن توسيع ميزة “الدبلجة التلقائية”، التي ستستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الترجمات الصوتية، وجعلها تبدو أقرب إلى الصوت الأصلي من حيث النغمة والتأثيرات الصوتية. يساعد هذا التحديث المبدعين على التواصل بشكل أكثر فعالية مع جمهور عالمي، متجاوزين حاجز اللغة.
كما تعزز يوتيوب أدواتها لتحقيق الدخل من خلال ميزة “الإهداء المباشر”، التي تتيح للمشاهدين دعم المبدعين الصغار عبر تقديم تبرعات صغيرة، على غرار الميزات المتوفرة بالفعل على منصات مثل “تويتش” و”تيك توك”. من المتوقع أن تسهم هذه الميزة في تنويع مصادر الدخل للمبدعين الصغار، مما يمكنهم من الحفاظ على استدامة إنتاجهم.
الذكاء الاصطناعي ومستقبل إنشاء المحتوى
تشير إعلانات يوتيوب الأخيرة إلى تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في قطاع إنشاء المحتوى الرقمي. من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل نماذج “Veo” و”Imagen” من “غوغل ديب مايند”، تسعى يوتيوب إلى التواجد في مقدمة الابتكار الإبداعي. القدرات التي توفرها هذه الأدوات تتيح للمبدعين إنتاج محتوى عالي الجودة وجذاب بسرعة وسهولة، مما يمثل فصلًا جديدًا في العلاقة بين التكنولوجيا والإبداع.
بالنسبة للمبدعين الصغار، تمثل هذه الأدوات الموجهة بالذكاء الاصطناعي فرصة هامة للتنافس مع القنوات الأكبر، حيث توفر لهم موارد قوية كانت سابقًا متاحة فقط للذين يتمتعون بميزانيات أكبر أو بمهارات تقنية متقدمة. من المتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا أكثر وضوحًا في مستقبل إنشاء المحتوى مستقبلاً، سواء في توليد الفيديوهات أو التفاعل مع الجماهير وتحقيق الأرباح.
يمثل تقديم يوتيوب لأدوات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة للمنصة ومجتمع المبدعين فيها. لا تسهم هذه الابتكارات في تبسيط عملية إنشاء المحتوى فحسب، بل تعمل أيضًا على ديمقراطية الوصول إلى أدوات إنتاج عالية الجودة، مما يساعد المبدعين الصغار على تطوير عملياتهم والوصول إلى جمهور أوسع. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب تطوير المحتوى، بدءاً من توليد الفيديوهات وصولاً إلى التفاعل مع الجماهير، تهيئ يوتيوب لمستقبل نظام محتوى أكثر ديناميكية وشمولية.
ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المرجح أن تشهد المنصات مثل يوتيوب تغييرات أكثر تحولاً في كيفية إنشاء المحتوى ومشاركته وتحقيق عوائد منه. المبدعون الصغار بشكل خاص سيستفيدون، حيث تساعدهم هذه الأدوات على منافسة القنوات الأكثر شهرة وزيادة قاعدة جماهيرهم بفاعلية أكبر. لا شك أن مستقبل إنشاء المحتوى مرتبط بشكل وثيق بالذكاء الاصطناعي، ويوتيوب تقود الطريق نحو هذا العصر الجديد.