نجح مطورون في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي توليدية، لكنهم لم يتوقعوا أن وظائفهم ستكون في خطر عندما بدأت الأنظمة التي طوروها في استحواذها على عملهم.
عادة ما توظف شركات التكنولوجيا أشخاصًا متخصصين في البرمجة وكتابة الشيفرات لتطوير البرمجيات والحلول المختلفة. ومع ذلك، بدأ بعضهم الآن في الاعتماد على برمجيات الذكاء الاصطناعي من أجل تنفيذ عملهم بفعالية وبتكاليف أقل، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
في الفترة الأخيرة، ظهرت حلول الذكاء الاصطناعي بقوة لتتمكن من أداء الكثير من المهام التي كان يقوم بها الأشخاص العاديون، حيث تم استبدالهم بأنظمة تكنولوجية متطورة. وكانت وظائف العاملين في مجال البرمجيات من بين الوظائف الرائدة في هذا التغيير التكنولوجي المتحيز للمهارات، وهو مصطلح يستخدمه الاقتصاديون.
أشاروا إلى أن هذا هو المشهد الذي يحدث عندما تجعل التكنولوجيا العمال أكثر فاعلية في الإنتاج ، في حين تتكفل هي بالمهام المعقدة والصعبة ، مما يؤدي إلى جعل العمال الذين يقومون بها أكثر قابلية للتبديل.
ويكشف تقرير الصحيفة أن استخدام التكنولوجيا الذكية سيعمل على تأتيم الأعمال الذهنية، وسيكون لهذا التطور تأثير على نصف القوة العاملة الأمريكية المشتغلة في هذه المهن، حيث سيتراجع الطلب على الأشخاص ذوي المهارات المتوسطة لصالح نظم التكنولوجيا المختلفة.
أشار إلى أن التقنية الحديثة قادرة على تعديل التوازن بين الفائزين والخاسرين في الاقتصاد الأميركي الذي يزداد تفاوتًا حول جوانب متعددة.
منذ أواخر عام 2022، بدأ “تشات جي بي تي” في استغلال التقدمات الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وخاصة في خلق النصوص والصور وحتى الفيديو. واكتشف المطورون طريقة للاستفادة من هذه التقنية وتكييفها من خلال مساعدتهم في إنشاء واختبار “شيفرات” البرمجة، دون أن يعلموا أن هذا التقدم سيؤثر أيضًا على وظائفهم.
في منتصف عام 2022، قامت مايكروسوفت بإصدار أداة جديدة تدعى “غيتهب كو بايلوت”، وهي تمكن المبرمجين والمستخدمين العاديين من استخدامها في إنشاء واختبار شيفرات البرمجة.
ذكرت الصحيفة أن إصدار أدوات المساعدة للبرمجة على مختلف المنصات جاء في سياق حملات الفصل الواسعة لعدد كبير من الموظفين في شركات التكنولوجيا في نهاية العام الماضي. ووفقًا لبيانات “ريفيليو لابس”، كانت وظائف “مهندس البرمجيات” هي الأكثر تضررًا في سوق العمل في الولايات المتحدة منذ بداية عام 2023، على الرغم من الطلب العالي على أولئك الذين يمتلكون “خبرة متقدمة جدًا” في هندسة البرمجيات.
يعزو التقرير ما يحدث في سوق الوظائف في صناعة البرمجيات إلى أن الشركات الناشئة تسعى للبقاء في ظل “تراجع الاقتصاد” وتقليل التوظيف، بينما تقوم بعض الشركات بتوظيف أشخاص لديهم خبرة متقدمة واستثنائية، وتبقيهم في مكانهم بينما تجمد الفرص المتاحة لأولئك الذين يمتلكون مهارات متوسطة.
توضح بيانات الاستطلاع الذي أجرته شركة “ستاك أوفر فلو” أن حوالي 70 في المئة من 90 ألف مبرمج شاركوا في الاستطلاع قد استخدموا حلول الذكاء الاصطناعي في عملهم، وزاد نصفهم الباقي من خلال التأكيد على أن هذه الأدوات تساعدهم في الإنتاجية.
يعبر خبراء التقنية عن قلقهم من مخاطر وتأثيرات أنظمة الذكاء الاصطناعي إذا لم يتم ضبطها بشكل صحيح. دعا جيفري هينتون، المعروف بأنه مؤسس الذكاء الاصطناعي، الحكومات في نهاية يونيو إلى التدخل لضمان عدم قدرة الآلات على السيطرة على المجتمع.
عندما أعلن هينتون استقالته من غوغل في مايو، تصدر العناوين. لقد انضم إلى غوغل منذ عقد، ومن خلال استقالته، تحدث بحرية أكبر عن مخاطر الذكاء الاصطناعي. هذا جاء بعد فترة وجيزة من إطلاق برنامج الدردشة “تشات جي بي تي”، الذي أبهر مخيلة العالم.
وقال عالم الذكاء الاصطناعي الذي يدرس في جامعة تورنتو: “قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء منا، أرى أنه ينبغي تشجيع الأفراد الذين يطورونه على بذل مجهود كبير لفهم كيف يمكن له أن يحاول السيطرة علينا”.
وصرح قائلاً: “حالياً، هناك 99 شخصًا ذوي ذكاء عظيم يسعون لتحسين الذكاء الاصطناعي، وشخص واحد ذكي جدًا يحاول معرفة كيفية منعه من السيطرة، وقد يجب عليكم أن تكونوا أكثر توازنًا”.