في خطوة تاريخية، اتفق قادة الدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالإجماع على تعزيز الجهود لمكافحة المعلومات المضللة ووضع جدول أعمال شامل للذكاء الاصطناعي. تأتي هذه المبادرة استجابة للتحديات المتزايدة التي تواجهها الحكومات بسبب الانتشار السريع للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وقد عُقد الاجتماع الأخير في مدينة ماسيو، عاصمة ولاية ألاغواس في شمال شرق البرازيل، مما شكل خطوة مهمة نحو ضمان شفافية المنصات الرقمية وامتثالها للأطر القانونية المعنية.
ووفقاً لجواو برانت، سكرتير السياسات الرقمية في رئاسة الجمهورية البرازيلية، تعد هذه المرة الأولى التي تعترف فيها مجموعة العشرين بشكل صريح بمشكلة المعلومات المضللة، داعيةً المنصات الرقمية للحفاظ على الشفافية والمساءلة. وتعتبر هذه التدابير حاسمة في ظل استمرار المعلومات المضللة في تقويض العمليات الديمقراطية حول العالم، مع كون المنصات غالباً مواقع خصبة للروايات الكاذبة.
كما أكدت الاتفاقية على الحاجة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي وشفاف، ما يبرز أهمية الإشراف البشري والامتثال لقوانين الخصوصية وحقوق الإنسان. ويعكس هذا التوافق الاعتراف المتزايد بالدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في تشكيل نشر المعلومات وإمكانيته في إلحاق الأذى أو تحسين الحوار الاجتماعي.
توجيه تطوير الذكاء الاصطناعي: استخدام أخلاقي وشفاف
التزمت دول مجموعة العشرين بوضع مبادئ توجيهية لتطوير الذكاء الاصطناعي، مشددة على استخدامه الأخلاقي والشفاف والمسؤول. يتضمن ذلك ضمان الإشراف البشري والامتثال الصارم لقوانين الخصوصية وحقوق الإنسان. وأعربت ريناتا ميلي، مستشارة وزارة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في البرازيل، عن أملها في أن تنعكس هذه المبادئ التوجيهية في إعلان القادة خلال قمة مجموعة العشرين المقبلة في ريو دي جانيرو نوفمبر القادم.
ورغم الخلافات القائمة بين دول مثل الصين والولايات المتحدة، تم التوصل إلى إجماع على ضرورة تعاون أغنى دول العالم في تقليص الفجوات العالمية في تطوير الذكاء الاصطناعي. ويعتبر هذا التعاون حيوياً لتقليص الفجوة التكنولوجية وضمان توزيع فوائد الذكاء الاصطناعي بشكل عادل في جميع أنحاء العالم.
جاءت الدعوة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي في وقت مناسب، حيث أطلقت التطورات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي نقاشات حول الخصوصية والأمان والإمكانية للتحيز. ومن خلال وضع مبادئ توجيهية واضحة، تهدف مجموعة العشرين إلى خلق بيئة يمكن فيها استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية وفعالية، مما يعود بالنفع على المجتمع ككل.
قيادة البرازيل ومستقبل الذكاء الاصطناعي
باعتبارها الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، ركزت البرازيل بشكل كبير على معالجة القضايا المتعلقة بالعالم النامي، مثل تقليص التفاوتات وإصلاح المؤسسات متعددة الأطراف. وتحت قيادة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لعبت البرازيل دوراً محورياً في توجيه تركيز مجموعة العشرين نحو خلق منظومة عالمية أكثر عدالة لتطوير الذكاء الاصطناعي.
كما جاء الاجتماع الأخير عقب الحظر المثير للجدل لمنصة “إكس” في البرازيل، الذي أمر به قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس بعد نزاع طويل مع مالكها، الملياردير التقني إيلون ماسك. ويبرز هذا الحادث التفاعل المعقد بين التقدم التكنولوجي والرقابة التنظيمية، مما يشير إلى الحاجة إلى منهجيات متوازنة تضمن المبادئ الديمقراطية وتدعم الابتكار.
ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، لا يمكن التقليل من تأثيره على مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية إلى التمويل. وتعكس التزام مجموعة العشرين بتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي خطوة حاسمة نحو تسخير هذه التكنولوجيا لتحقيق الفائدة العامة، وضمان استخدامها بشكل مفيد ومسؤول.
يشكل اتفاق مجموعة العشرين لمكافحة المعلومات المضللة وتوجيه أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لحظة حاسمة في الحوار المستمر حول التكنولوجيا والمجتمع. ومن خلال الاعتراف بالتحديات التي تفرضها المعلومات المضللة والقوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، تمهد مجموعة العشرين الطريق لمستقبل يكون فيه التكنولوجيا أداة للتقدم وليس للتفرقة. ومع تعاون الدول لوضع مبادئ توجيهية أخلاقية وتعزيز الشفافية، يصبح احتمال أن يقود الذكاء الاصطناعي التغيير الإيجابي أكثر قابلية للتحقيق. هذا الجهد الموحد يبرز أهمية التعاون العالمي في معالجة تعقيدات العصر الرقمي، مما يضع أسساً لعالم أكثر وعياً وإنصافاً.