جدول المحتويات
في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها المشهد الرقمي العالمي، يقف الذكاء الاصطناعي (AI) في طليعة الابتكار التكنولوجي، واعدًا بتحقيق فوائد تحوّلية للاقتصادات والمجتمعات على حد سواء. وتؤكد الأبحاث الأخيرة على الحاجة الملحّة لتعزيز الوعي وتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي لضمان قدرة المجتمعات على المنافسة في الاقتصادات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن تحقق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) تأثيرًا اقتصاديًا هائلًا يصل إلى 320 مليار دولار بحلول عام 2030. وفي هذا السياق، تأتي مبادرة “فرصة الذكاء الاصطناعي” التي أطلقتها Google.org كخطة شاملة تهدف إلى تزويد الأفراد بالمهارات الأساسية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ودعم الأبحاث ذات الصلة، وتقديم حلول تعتمد عليه تفيد الجميع. وتستهدف المبادرة تمكين 500 ألف شخص في المنطقة خلال العامين المقبلين، لضمان تمكينهم من النجاح في المستقبل المعتمد على الذكاء الاصطناعي.
تمكين المجتمعات عبر التدريب على مهارات الذكاء الاصطناعي
تهدف مبادرة “فرصة الذكاء الاصطناعي” إلى سد الفجوة الرقمية من خلال تقديم تدريب على المهارات الأساسية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وضمن هذا الجهد، سيتم إدخال منهج جديد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية ضمن برنامج “مهارات من Google” ومنصة Coursera. ويهدف هذا المنهج إلى تزويد الأفراد بالمعرفة الأساسية في مجالات الذكاء الاصطناعي مثل الهندسة التوجيهية، لضمان عدم عرقلة حواجز اللغة لفرص الحصول على التعليم التكنولوجي الحيوي.
علاوة على ذلك، تعمل Google.org على توسيع نطاق دعمها للمجتمعات غير المخدّمة من خلال تقديم منح لمنظمة Village Capital، وهي منظمة عالمية تدعم الشركات الناشئة ذات التأثير الإيجابي. ويركز هذا التعاون على تمكين النساء والشباب والمجتمعات الريفية في دول مثل الأردن والإمارات والسعودية ومصر بمهارات متعلقة بالذكاء الاصطناعي. من خلال استهداف هذه الفئات المهمشة، تسعى المبادرة إلى دمقرطة الوصول إلى الذكاء الاصطناعي، لضمان أن كل فرد، بغض النظر عن خلفيته، يمكنه الاستفادة من الفرص التي تقدمها هذه التقنية.
التعليم المسؤول حول الذكاء الاصطناعي ودعم المعلّمين
إلى جانب بناء المهارات في الذكاء الاصطناعي، تؤكّد المبادرة على أهمية التعليم المسؤول للذكاء الاصطناعي. وبالتعاون مع مؤسسة Raspberry Pi و Google DeepMind، ستكون Google.org مسؤولة عن تمويل ترجمة برنامج تجربة الذكاء الاصطناعي إلى اللغة العربية، مما سيسهم في تدريب المعلّمين في مختلف أنحاء المنطقة على تعليم الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عامًا حول أمان وتوجهات الاستخدام المسؤولة للذكاء الاصطناعي.
انطلاقًا من الإمارات والسعودية، سيُنفَّذ البرنامج من خلال مؤسسات محلية مثل أمديست. وتضمن هذه الجهود أن الأجيال الشابة لن تكون فقط على دراية بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بل ستكون أيضًا مهيأة لفهم التحديات الأخلاقية المرتبطة به، وهو أمر ضروري لحماية مستقبل تطوير التكنولوجيا في المنطقة. يسعى هذا النهج إلى تعزيز ثقافة الابتكار المسؤول في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لبناء قوة عاملة ليس فقط مؤهلة في التقنية، بل واعية أيضًا في استخداماتها.
تعزيز الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وحلول الرعاية الصحية
ستولي مبادرة “فرصة الذكاء الاصطناعي” أهمية خاصة للأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز على مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية، والتغير المناخي، والتعليم. وسيتم إنشاء صندوق بحثي جديد لدعم الباحثين المحليين من الجامعات في أنحاء المنطقة، مما سيسمح لهم بتطوير حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمعالجة التحديات الفريدة التي تواجه دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي مجال الرعاية الصحية، ستقدّم Google.org منحًا لتسريع النمو للشركات الناشئة عبر منصة startAD، المقرّ بها في جامعة نيويورك أبوظبي، وذلك لتحديد وتطوير تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين الرعاية الطبية. ستركز هذه الحلول على تقديم الرعاية للفئات الأكثر ضعفاً في الإمارات والسعودية، بما في ذلك كبار السن والشباب المحرومين وذوي الدخل المنخفض. يعكس هذا التركيز على الرعاية الصحية الإمكانات الكبرى للذكاء الاصطناعي في إحداث تحول شامل في طريقة تقديم الخدمات، مما يجعل الرعاية الطبية أكثر سهولة وكفاءة.
إطلاق منتجات مدعومة بالذكاء الاصطناعي وتوسيع البنية التحتية السحابية
تلتزم Google أيضًا بتقديم ابتكارات الذكاء الاصطناعي مباشرة إلى المستخدمين الناطقين بالعربية. ففي يوليو 2023، أطلقت الشركة أداة Gemini، وهي أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)، قادرة على فهم أكثر من 16 لهجة عربية. كما ستتيح ميزات جديدة مثل Gems للمستخدمين إنشاء إصدارات مخصصة من Gemini لمهام محددة، بما في ذلك إرشادات مهنية وتحرير النصوص والبرمجة.
بالإضافة لذلك، قدّمت Google نموذجًا مبتكرًا يُدعى Imagen3، الذي يمكّن المستخدمين من توليد الصور بناءً على طلبات باللغة العربية، مما يوسّع من الأدوات المتاحة للمستخدمين الناطقين بالعربية لتعزز تجربتهم في استخدام الذكاء الاصطناعي. تعكس هذه الخطوات التزام Google بتطوير تجربة الذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع اللغويات والثقافة العربية، لضمان أن تكون الحلول المقدَّمة مخصصة وموجهة بشكل ملائم.
لمواكبة هذه التحسينات، تستمر Google في توسيع استثماراتها في البنية التحتية السحابية في المنطقة. وقد أعلنت الشركة مؤخرًا عن شراكة مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي لتوسيع منطقة الخدمات السحابية في الدمام، وإطلاق مركز عالمي للأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. هذه الشراكة لن تدعم الأبحاث المرتبطة بالذكاء الاصطناعي فحسب، بل ستوفّر أيضًا برامج تدريبية لتطوير المهارات الرقمية الأساسية بين شباب المنطقة، مما يرسخ المنطقة كواحدة من محاور الابتكار في هذا المجال.
في ظل المسيرة العالمية نحو مستقبل يعتمد على الذكاء الاصطناعي، فإن مبادرات مثل “فرصة الذكاء الاصطناعي” تلعب دورًا أساسيًا في ضمان شمول الجميع. ومن خلال التركيز على تطوير المهارات والتعليم المسؤول ودعم الأبحاث والابتكار، تُعزِّز هذه المبادرة مكانة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للاستفادة الكاملة من الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي. ومع توقعات بتحقيق تأثير اقتصادي يصل إلى 320 مليار دولار بحلول 2030، تقف المنطقة على أعتاب ثورة تكنولوجية.