جدول المحتويات
في عالم رقمي سريع التطور، تبرز قطر كلاعب رئيسي في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي. وخلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطري، سعادة محمد بن علي المناعي، في عدد من الفعاليات رفيعة المستوى التي ركزت على الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة. وتأتي هذه النقاشات في إطار أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وتسلط الضوء على أهمية التعاون العالمي في استغلال تقنيات الذكاء الرقمي.
وفي تصريحاته خلال الجلسات، أكد المناعي التزام قطر باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لتحقيق النمو الشامل. واستعرض أجندة قطر الرقمية لعام 2030، التي تركز على تعزيز الابتكار من خلال استثمارات استراتيجية في بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي، والتعليم، والشراكات بين القطاعين العام والخاص. وتؤكد هذه الرؤية الاستباقية التزام قطر بتجاوز الفجوة الرقمية وضمان التوزيع العادل لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على الجميع.
الذكاء الاصطناعي كحافز للتعاون العالمي: جلسة وزارية رفيعة المستوى
شارك وزير المناعي في جلسة وزارية رفيعة المستوى ترأسها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تحت عنوان “تعزيز التنمية المستدامة من خلال الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق به”. وضمت الجلسة قادة حكومات ورؤساء كبرى شركات الذكاء الاصطناعي مثل أمازون، جوجل، آي بي إم، ميتا، مايكروسوفت، وأوبن إيه آي.
وأعلن الوزير بلينكن عن مبادرة جديدة للتعاون بين القطاعين العام والخاص أُطلق عليها “الشراكة من أجل شمول الذكاء الاصطناعي عالميًا”. وتهدف هذه المبادرة إلى معالجة التفاوتات في ثلاثة مجالات رئيسية: موارد الحوسبة، القدرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، والحلول الخاصة بالسياقات المحلية. وهذه العناصر جوهرية لتعزيز الشمولية في اعتماد الذكاء الاصطناعي عبر مختلف المناطق والصناعات.
تعكس مشاركة قطر في هذه المبادرة هدفها الأكبر في دفع عجلة الذكاء الاصطناعي بطريقة تعود بالنفع على جميع قطاعات المجتمع. ويعكس حضور المناعي في هذا الحدث دور قطر النشط في تشكيل سياسات الذكاء الاصطناعي العالمية التي تعطي الأولوية للعدالة والأمان والاستدامة.
ردم الفجوة في الذكاء الاصطناعي: تركيز المنتدى الاقتصادي العالمي على النمو الشامل
بالإضافة إلى جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك وزير المناعي في نقاش استضافه المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان “ردم الفجوة في الذكاء الاصطناعي: استراتيجيات لتحقيق النمو والتطوير الشامل.” وجمع هذا المنتدى قادة عالميين وخبراء لمناقشة التفاوت المتزايد في تبني وابتكار الذكاء الاصطناعي بين الدول النامية والمتقدمة.
وأعرب المناعي عن التزام قطر بتقليص هذه الفجوات من خلال الاستثمار في برامج تعليمية معتمدة على الذكاء الاصطناعي وتعزيز البنية التحتية الرقمية. كما شدّد على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تحقيق هذه الرؤية، مشيرًا إلى التعاون المستمر بين قطر وشركات التكنولوجيا المحلية والدولية كنموذج لتحقيق نمو شامل قائم على الذكاء الاصطناعي.
كما تطرقت المناقشات إلى الحاجة للتعاون الدولي في وضع معايير عالمية لأخلاقيات وسلامة الذكاء الاصطناعي. وأكد المناعي أن قطر تشارك بنشاط في هذه المحادثات، لا سيما فيما يتعلق بضمان أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي شفافة وخاضعة للمساءلة ومتوافقة مع مبادئ حقوق الإنسان.
أجندة قطر الرقمية 2030: خارطة طريق للابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي
تأتي مشاركة قطر في هذه الفعاليات الهامة كجزء من استراتيجيتها الأوسع لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة. وتحدد أجندة قطر الرقمية 2030 خطة طموحة لدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، بدءًا من الرعاية الصحية والتعليم وصولًا إلى البنية التحتية والخدمات العامة.
ويعد إغلاق الفجوة الرقمية، سواء داخل قطر أو على مستوى العالم، أحد الأهداف الرئيسية لهذه الأجندة. ومن خلال الاستثمار في البحث العلمي المتعلق بالذكاء الاصطناعي، وتطوير المواهب عبر مبادرات تعليمية، وإنشاء إطار تنظيمي متين، تعمل قطر على ضمان أن تكون فوائد الذكاء الاصطناعي متاحة للجميع.
وبحسب تصريحات الوزير المناعي، فإن تركيز قطر لا يقتصر على التقدم التكنولوجي فقط، لكنه يتعدى ذلك إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الشمولية الاجتماعية والاقتصادية. وتهدف قطر إلى بناء مستقبل يعزز فيه الذكاء الاصطناعي الإنتاجية والابتكار، مع مراعاة تعزيز المساواة والتماسك الاجتماعي.
تبرز مشاركة الدولة الفعالة في النقاشات العالمية حول الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة التزامها بتوظيف التكنولوجيا لخدمة الصالح العام. ومن خلال مشاركتها في مبادرات مثل “الشراكة من أجل شمول الذكاء الاصطناعي عالميًا” والتعاون المستمر مع منظمات دولية مثل المنتدى الاقتصادي العالمي، تخطو قطر خطوات كبيرة نحو مستقبل يصبح فيه الذكاء الاصطناعي أداة للنمو الشامل والعادل.
ومع استمرار العالم في مواجهة التحديات والفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يكون دور قطر الريادي في تعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي والشامل والمستدام نموذجًا يُحتذى به للدول الأخرى. ومع وجود خارطة طريق واضحة واستمرار الانخراط في المحادثات العالمية حول سياسات الذكاء الاصطناعي، فإن قطر مهيأة للعب دور محوري في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.