جدول المحتويات
مع استمرار الذكاء الاصطناعي (AI) في إعادة تشكيل الصناعات والمجتمعات على مستوى العالم، يكثف قادة التكنولوجيا دعواتهم لوضع تنظيمات حكومية واضحة وفعالة. فقد دعت مجموعة ضغط أمريكية بارزة في قطاع التكنولوجيا، التي تمثل شركات مثل OpenAI و Microsoft و Adobe، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وفريقه لمراجعة وتحديث السياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. الهدف؟ ضمان بقاء الولايات المتحدة في طليعة تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي. ومع التكامل السريع للذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل التمويل و الإسكان و التوظيف، فإن المخاطر كبيرة، والحاجة إلى قواعد واضحة أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
تناقش هذه المقالة آخر التطورات المتعلقة بتنظيمات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، مسلطة الضوء على مخاوف الصناعة واقتراحاتها للسياسات المستقبلية تحت إدارة ترامب المحتملة.
شركات التكنولوجيا تضغط على ترامب من أجل سياسات استباقية للذكاء الاصطناعي
في رسالة حديثة موجهة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ونائبه المنتخب جي دي فانس، أكدت BSA (تحالف البرمجيات)، وهي مجموعة ضغط رائدة في مجال التكنولوجيا، على الحاجة الملحة لسياسات تشجع على الابتكار في الذكاء الاصطناعي. الرسالة، الموقعة من عمالقة الصناعة مثل OpenAI وMicrosoft وAdobe، أشارت إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تستفيد من قوة الذكاء الاصطناعي عبر وضع تنظيمات واضحة وقابلة للتنفيذ تحفز النمو مع معالجة المخاطر المحتملة.
ودعت BSA الإدارة لمراجعة القوانين والتنظيمات القديمة التي قد تعيق تبني الذكاء الاصطناعي بشكل غير مبرر. الرسالة كانت واضحة: بدون أطر تنظيمية مناسبة، تتعرض الولايات المتحدة لخطر فقدان الميزة التنافسية في ابتكار الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من دول مثل الصين.
كما دعت المجموعة إلى استمرار بعض سياسات إدارة بايدن، لا سيما تلك التي تركز على إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي. ووفقًا للتحالف، تمثل هذه السياسات أساسًا قويًا لنشر الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية عبر مختلف القطاعات.
دور الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال والمجتمع: الحاجة إلى الثقة
إحدى النقاط الرئيسة التي ركز عليها BSA هي الثقة الضرورية لتحقيق تبني واسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي. ومع تزايد استخدام هذه التكنولوجيا في خدمات حيوية مثل تقييمات الائتمان وتطبيقات السكن وقرارات التوظيف، من الضروري أن يثق كل من الأعمال و المستهلكين في هذه الأنظمة. لتحقيق ذلك، تؤكد المجموعة على ضرورة ضمان أن يتم تطبيق الحماية القانونية القائمة بفعالية على العمليات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وأشار التحالف إلى أن غياب الوضوح في التنظيمات الخاصة بالذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى حالة من عدم اليقين الواسع النطاق، مما سيعيق الابتكار. وبوضع قواعد واضحة وقوية لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي، يمكن للولايات المتحدة خلق بيئة يشعر فيها الشركات بالثقة في دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتهم دون الخوف من عواقب قانونية أو ردود فعل سلبية من الجمهور.
بالإضافة إلى ذلك، شددت المجموعة على أهمية التعاون الدولي. فمع تطور الذكاء الاصطناعي، تصبح المعايير العالمية ضرورية لضمان الاستخدام المسؤول لهذه التكنولوجيا عبر الحدود. وحث التحالف ترامب وإدارته على المشاركة في المناقشات الدولية المستمرة لتشكيل هذه المعايير بالتعاون مع دول رائدة أخرى.
موقف إدارة ترامب من الذكاء الاصطناعي: ما الذي ينتظرنا؟
بينما لم يقدم الرئيس السابق دونالد ترامب بعد خططًا تفصيلية حول تنظيم الذكاء الاصطناعي في حال توليه ولاية ثانية محتملة، فإن فترة ولايته الأولى تقدم بعض الدلائل. خلال فترته الأولى، كان إلغاء التنظيمات أحد أهم أولويات ترامب، وقد أشار إلى أنه سيواصل هذا النهج، خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. وفي بيان أخير، تعهد الحزب الجمهوري بإلغاء الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن حول الذكاء الاصطناعي، الذي يسعى إلى فرض معايير أمان جديدة لكل من الوكالات الفيدرالية والشركات الخاصة.
تشير منصة ترامب إلى أن إدارته ستركز على تعزيز الابتكار في الذكاء الاصطناعي من خلال تقليل القيود وإتاحة مزيد من الحرية لشركات التكنولوجيا. ومع ذلك، تعرض هذا النهج لانتقادات من بعض الأوساط، حيث يرى المعارضون أن تخفيف القيود قد يؤدي إلى مخاطر غير محسوبة، مثل انتهاكات خصوصية البيانات، والتحيز في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وسوء استخدام التكنولوجيا.
بالإضافة إلى التغييرات في السياسات الداخلية، أشار ترامب أيضًا إلى عزمه على خفض التمويل الفيدرالي المخصص لتطوير الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، أعرب قادة الصناعة عن قلقهم من أن مثل هذه الخطوات قد تترك الولايات المتحدة عرضة لتراجع في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، لا سيما مع استثمار الصين بشكل كبير في البحث والتطوير في هذا المجال.
توصيات الصناعة لتعزيز الابتكار وسلامة الذكاء الاصطناعي
قدمت صناعة التكنولوجيا عدة توصيات لضمان بقاء الولايات المتحدة قوية في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي. ووفقًا لتوصيات BSA، فإن إحدى الخطوات الأساسية التي يمكن للحكومة اتخاذها هي تعزيز إمكانية الوصول إلى البيانات لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي. فالبيانات الكبيرة تعد عاملًا أساسيًا في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي دقيقة وفعالة، ودعت المجموعة إدارة ترامب إلى زيادة توفر هذه البيانات دون المساس بالخصوصية أو الأمان.
الاستثمار في البحث والتطوير (R&D) في مجال الذكاء الاصطناعي يعد أيضًا أولوية قصوى. حثت BSA الحكومة على مواصلة تمويل مبادرات البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي والتعاون مع القطاع الخاص لتسريع الاكتشافات في هذا المجال. وبحسب المجموعة، يعد هذا ضروريًا للحفاظ على مكانة الريادة الأمريكية في الابتكار.
كما أن حماية الخصوصية و أمن البيانات يظلان مصدر قلق كبير. أوصت BSA بأن تتبنى الحكومة سياسات واضحة تحمي حقوق الخصوصية الفردية، مع السماح للشركات بالاستفادة الكاملة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي. يتضمن ذلك وضع إرشادات واضحة حول كيفية تعامل الذكاء الاصطناعي مع تدفقات البيانات الدولية، حيث تعتمد العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي على تبادل البيانات عبر الحدود.
أخيرًا، تم تسليط الضوء على قضية الأمن السيبراني كمنطقة حرجة لتنظيمات الذكاء الاصطناعي. فمع أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا متزايدًا في الأمن القومي والدفاع، أكدت BSA ضرورة وضع تدابير أمان قوية لحماية أنظمة الذكاء الاصطناعي من الهجمات الضارة وسوء الاستخدام.
بينما تدخل الولايات المتحدة مرحلة جديدة من تطور الذكاء الاصطناعي، لا يمكن التقليل من أهمية التنظيمات المتوازنة والمستقبلية. تسلط دعوة صناعة التكنولوجيا للعمل الضوء على الحاجة إلى نهج شامل لتنظيمات الذكاء الاصطناعي، بحيث يحفز الابتكار ويظل في الوقت نفسه يواجه المخاطر المحتملة. ومع اقتراب الذكاء الاصطناعي من أن يصبح جزءًا لا يتجزأ من عمليات الأعمال و الحكومة، فإن ضمان مواكبة التنظيمات للتطورات التقنية يعد أمرًا بالغ الأهمية.
سواء تحت إدارة ترامب أو أي حكومة مستقبلية، سيحتاج المسار المستقبلي للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة إلى التعاون بين القطاعين العام والخاص. عبر معالجة القضايا المتعلقة بالثقة والأمان والتعاون الدولي والابتكار، يمكن للولايات المتحدة أن تحافظ على ريادتها في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، مع ضمان الاستخدام المسؤول لهذه التكنولوجيا القوية لصالح الجميع.