جدول المحتويات
أعلنت شركة “كوجنيشن”، وهي شركة مبتدئة وجديدة العهد في ساحة الذكاء الاصطناعي، والتي تلقى الدعم من صندوق المؤسسين الذي يملكه بيتر تيل وعدد من أبرز القيادات في مجال التكنولوجيا بمن فيهم إيلاد جيل، الرئيس التنفيذي السابق لشركة تويتر، وتوني شو الشريك المؤسس لـ “دورداش”، عن إطلاقها لبرنامج ذكاء اصطناعي مستقل بالكامل يُسمى “ديفين”.
رغم وجود العديد من المساعدات البرمجية في الأسواق، بما فيها المساعد اللامع GitHub Copilot ، إلا أنه يُذكر بأن ديفن يبرز بخصوصيته في إدارة مشروعات البرمجة بشكل شامل من البداية حتى النهاية، ابتداءً بكتابة الكود مرورًا بتصحيح الأخطاء المصاحبة له وانتهاءً بالتنفيذ الأخير. تُقدَّم هذه الخدمة كالأولى من نوعها، وهي تمتلك القدرة حتى على التعامل مع المشروعات على منصة Upwork، كما أظهرت الشركة الناشئة.
يشير إعلان ديفين إلى تحول جوهري في ميدان التنمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إذ إنه يزود المطورين بعنصر اصطناعي ذكي متكامل الخصائص لاستخدامه في مشروعاتهم، بخلاف كونه مساعداً يقتصر دوره على كتابة الكود البرمجي الأولي أو تقديم اقتراحات لشيفرات برمجية.
ومع ذلك، حتى هذه اللحظة، مازال ديفين غير مفتوح للجمهور، إذ منحت الشركة الفرصة لاستخدامه لمجموعة محصورة من العملاء، شاملة الصحفي في بلومبرج، أشلي فانس، الذي قام بسرد تفاصيل تجربته في هذا الموضع.
مهمة ديفين:
ظهر على الويب مقال على موقع كوغنيشن الإلكتروني شرح فيه سكوت وو، مؤسس شركة كوغنيشن ورئيسها التنفيذي وصاحب الأوسمة في ميدان برمجيات الرياضة، بأن ديفين قادر على توظيف مجموعة الأدوات البرمجية المعروفة والتي تشمل واجهة الأوامر الخصوصية، محرر الأكواد البرمجية والمستعرض الإلكتروني، ضمن نطاق بيئة الحاسوب المنفصلة وذلك بهدف التصميم وتطبيق المهام الهندسية ذات الطبيعة المركبة التي تستلزم اتخاذ الآلاف من الاختيارات.
يقوم المستعمل الإنسان بصياغة الأوامر بلغة مفهومة ضمن منصة الحوار لبرنامج ديفين، ومن ثم يتحمل مهندس الذكاء الاصطناعي مسؤولية إعداد مخطط تنفيذي مفصل يجري خطوة بخطوة للتعاطي مع القضية المطروحة. بعدها، يشرع في تطبيق المشروع مستخدمًا مجموعة أدواته التطويرية بنفس الأسلوب الذي يتبعه البشر، حيث يشرع في كتابة الشيفرات بنفسه، حل المشكلات، إجراء الاختبارات وأخذ العهدة بإصدار تقارير فورية عن سير العمل، ما يمنح المستخدم القدرة على متابعة كافة جوانب العملية أثناء تنفيذها.
عندما يلاحظ المستخدم الإنسان وجود خطأ ما، يحق له التوجه إلى منصة الحوار وإصدار التوجيهات للذكاء الاصطناعي من أجل إجراء التعديلات اللازمة. توضح شركة Cognition بأن هذا الإجراء يتيح لفرق الهندسة التنازل عن بعض مهامهم للذكاء الاصطناعي، مما يمكنهم من صرف الانتباه نحو الأعمال الإبداعية التي تتطلب قدرات عقلية بشرية أعلى.
بهذا الأسلوب، يطرح ديفين طرازًا مستحدثًا قد يعطينا نظرة مستقبلية للأسلوب الذي من المحتمل أن يشهد من خلاله تطور البرامج الحاسوبية – وبصورة عامة الأعمال المنجزة على الحواسيب – في الأمد القريب، وذلك عبر استخدام العمال الآليين من برمجيات الذكاء الاصطناعي، وتحت رقابة وإدارة المستخدمين أو المشرفين من البشر.
ديفين : بإمكانه التصرف بكفاءة في مختلف مهام التطوير المتنوعة
بحسب ما قدمه وو من شروح، فإن ديفين يتمتع بالقدرة على القيام بأنواع متعددة من الأعمال بفعالية في وضعه الراهن. هذا يتضمن الانخراط في مشاريع هندسية معتادة مثل إطلاق التطبيقات وتحسين المواقع الإلكترونية من الألف للياء، والبحث عن الأخطاء في قواعد البيانات ومعالجتها، وحتى القيام بمهام أكثر تعقيدًا كإجراء تعديلات دقيقة على قواعد بيانات اللغة الضخمة من خلال استخدام روابط لمستودعات بحثية على جيتهاب أو التعرف على تقنيات حديثة قد تكون غير معتادة.
في حالة محددة، استفاد من مقال في مدونة ليتعرف على كيفية تنفيذ الشفرة البرمجية لإنشاء صور تضم رسائل غير ظاهرة. أما في موقف آخر فقد قام بالعمل على مشروع من خلال منصة أب ورك يتعلق بتشغيل نموذج لرؤية الآلة عن طريق برمجة الشفرات وإصلاح أخطاء البرمجة الناتجة.
في الاختبار المعروف بـ “SWE-bench” الذي يقيم أداء مساعدات الذكاء الاصطناعي عن طريق تحليل مشكلات مستخرجة من منصة “GitHub” المرتبطة بمشاريع البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر، نجح مهندس برمجيات يعمل بالذكاء الاصطناعي في التصدي لـ 13.86% من الحالات وإكمالها بصورة دقيقة من الألف إلى الياء دون الحاجة إلى تدخل الإنسان. في حين استطاع نظام “كلود 2” حل 4.80% فقط من هذه الحالات، وعلى الجانب الآخر، قد تمكن نظاما “SWE-Llama-13b” و “GPT-4” من معالجة 3.97% و 1.74% من هذه المشكلات على التوالي. رغم هذا، كل هذه الأنظمة احتاجت في نهاية المطاف إلى بعض الدعم، إذ تم إرشادها إلى الملف المعين الذي ينبغي إصلاحه.
التكنولوجيا الأساسية لا تزال غير موصوفة
استخدام الذكاء الاصطناعي في ميدان تطوير البرمجيات ليس بالأمر الحديث؛ إذ استُخدمت أدوات متعددة في هذا السياق منذ زمن بعيد. هذه الأدوات تشمل العديد من البرامج المعروفة، من قبيل GitHub Copilot و StarCoder، وتمتد لتشمل Replit الذي يضم مكتبة من الأمثلة البرمجية الذكية ضمن منصة Hugging Face. بالإضافة إلى ذلك، Codeium، الذي نال تمويلاً حديثاً بقيمة 65 مليون دولار في دورة تمويل السلسلة B، بتقدير وصل إلى 500 مليون دولار.

مع ذلك، فإن معظم هذه العروض قد أولت اهتمامًا رئيسيًا لاستعمال الذكاء الصناعي في مساعدة البرمجة. هذا الذكاء الصناعي قادر على إنشاء أكواد برمجية بدائية بناءً على توجيهات نصية، وصياغتها بشكل يتلاءم مع سياق بيئة التطوير المتكاملة، أو استرداد قطع من الشيفرات البرمجية، مما يسهم في تسريع وتيرة العمل ضمن الفريق. يظهر أن شركة إدراك الذكاء الصناعي التي تستخدم “ديفين” تتقدم خطوة (أو عدة خطوات) للأمام، من خلال تزويدنا بذكاء صناعي متكامل القدرات لإدارة المشاريع بأسرها.
رغم أن الأداة ما زالت بحاجة إلى المزيد من الاختبارات، إلا أن قابليتها على التعامل مع خطوات كثيرة والمحافظة على السير بالطريق الصحيح لإتمام مشروع هندسة البرمجيات تعد الخاصية الأبرز والمتميزة. شركة “كوجنيشن” لم تفصح عن الطريقة التي بواسطتها أحرزت هذا الإنجاز، وهل هي تستعمل نموذجًا خاصًا بها أو تعتمد على نموذج من جهة أخرى، ولكنها لفتت إلى أن العمل هو ثمرة “تقدمها في مجال الاستنتاج على المدى الطويل وفي التخطيط”.
تعمل الشركة في الوقت الحالي على توسعة قدراتها، وتقوم بتوفير إمكانية الوصول المُبكر إلى خدمة “ديفين” لمجموعة محدودة من المستخدمين. يُشار إلى أن الجهات المعنية الراغبة في تطوير أعمالها الهندسية بإمكانها الإتصال عبر البريد الإلكتروني للانضمام إلى قائمة الوصول. من المُنتظر أن يُصبح الدخول إلى الخدمة متاحاً بشكل أوسع في مرحلة تالية.
تنوه الشركة كوجنيشن أيضاً عبر موقعها الإلكتروني بأن البرمجة هي “مجرد نقطة الانطلاق”، ملمحة إلى إمكانية استغلالها لتقدمها التقني في مجال المنطق لإنشاء عملاء في مجال الذكاء الاصطناعي أو توظيفه في ميادين مهنية متعددة أخرى. وقد تمكنت الشركة حتى اللحظة من جمع تمويل يصل إلى 21 مليون دولار.