اقترحت شركة مايكروسوفت في أكتوبر الماضي استخدام تقنية “دال-إي” التي طورتها شركة “أوبن إيه آي”، لمساعدة وزارة الدفاع الأميركية في تصميم برامج لتنفيذ العمليات العسكرية، حسب ما ذكرته مصادر في موقع “ذا إنترسبت” في تقرير نشر في أبريل الماضي.
وفقًا للتقرير، جاء هذا الاكتشاف بعد أشهر قليلة من رفع الحظر عن شركة “أوبن إيه آي” لاستخدام تقنياتها في الأعمال العسكرية، وقد تم ذلك بصمت دون إعلان رسمي من الشركة.
قد أنفقت مايكروسوفت أكثر من 10 مليارات دولار في شركة “أوبن إيه آي”، وكان اسمها مرتبطًا بشدة بالشركة الناشئة في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
توفر العروض التقديمية لشركة مايكروسوفت، التي تحمل عنوان “الذكاء الاصطناعي التوليدي باستخدام بيانات وزارة الدفاع”، والتي نشرت على موقع ذا إنترسبت، تفاصيل حول كيفية استخدام البنتاغون لأدوات وتقنيات التعلم الآلي التابعة لشركة أوبن إيه آي، مثل روبوت المحادثة “شات جي بي تي” ومولد الصور “دال-إي” في تحليل المستندات ومساعدة في صيانة الآلات.
تم استخراج تلك الوثائق من مجموعة كبيرة من المواد والتي تم تقديمها من قبل مايكروسوفت في ندوة تدريبية لوزارة الدفاع الأميركية حول “فهم وتعليم تقنيات الذكاء الاصطناعي” التي نظمتها وحدة القوات الجوية الأميركية في لوس أنجلوس في أكتوبر 2023.
شملت الندوة مجموعة متنوعة من العروض التقديمية من الشركات المتخصصة في تعلم الآلة، بما في ذلك شركتي مايكروسوفت وأوبن إيه آي، حول إمكانيات تقديم تلك الشركات للبنتاغون.
ظهرت الملفات التي تم الكشف عنها للجمهور على موقع شركة “أليثيا لابز” (Alethia Labs) ، وهي شركة استشارات غير ربحية تساعد الحكومة الفدرالية في مجال الاستشارات التكنولوجية، وقد اكتشف الصحفي جاك بولسون هذه الملفات على موقع “ذا إنترسبت”.
عملت شركة “أليثيا لابز” بشكل مكثف مع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) للمساعدة في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة في ترسانة الأسلحة، ومنذ العام الماضي تعاقدت الشركة مع مكتب الذكاء الاصطناعي في البنتاغون.
تظهر إحدى صفحات العرض التقديمي من مايكروسوفت الاستخدامات الفدرالية “الشائعة” لتقنية أوبن إيه آي، بما في ذلك استخدامها في الجانب العسكري.
جاء في أحد البنود، تحت عنوان “تدريب الحواسيب المتقدمة في الرؤية”: “نظم إدارة القتال: استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور لتدريب نظم إدارة القتال”.
كما يوحي اسمه، يعتبر نظام إدارة القتال مجموعة من البرمجيات التي تساعد القادة العسكريين في قيادة وتحكم القوات وتوفير رؤية شاملة لحالة المعركة على الأرض، مما يساعدهم على تنسيق العمليات العسكرية مثل إطلاق المدفعية وتوجيه الضربات الجوية وتحريك الجنود على أجزاء المعركة، وفقا لتقرير ما.
تشير التدريب على الرؤية الحاسوبية إلى أن الصور التي ينشئها نموذج “دال-إي” يمكن أن تساعد حواسيب البنتاغون على تحسين “رؤيتها” للأوضاع على ساحة المعركة، وهذه ميزة مهمة لتحديد الأهداف وتدميرها.
ملفات العرض التقديمي لا توفر معلومات إضافية حول كيفية استخدام نموذج “دال-إي” بالضبط في أنظمة إدارة القتال في ساحة المعركة، ولكن التدريب على تلك الأنظمة قد يشمل استخدام “دال-إي” لتزويد البنتاغون بالبيانات التدريبية الاصطناعية، والتي تقدم محاكاة تخيلية واصطناعية تشبه إلى حد كبير مشاهد العالم الحقيقي.
على سبيل المثال، يمكن عرض كمية هائلة من الصور الجوية المزيفة، لمدرجات هبوط الطائرات أو صفوف الدبابات، التي تنتجها نموذج “دال-إي” على البرمجيات العسكرية التي تم تصميمها لاكتشاف أهداف العدو على الأرض، بهدف تحسين قدرة تلك البرمجيات على التعرف على مثل تلك الأهداف في العالم الواقعي.
في لقاء الشهر الماضي مع مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، قدم الكابتن م. كزافييه لوغو من البحرية الأميركية فكرة تطبيق عسكري للبيانات الاصطناعية مثل تلك التي يمكن أن ينتجها “دال-إي”، حيث اقترح استخدام الصور المزيفة لتدريب الطائرات بدون طيار على رؤية وفهم العالم تحتها بشكل أفضل.
تم إدراج اسم لوغو، الذي يقود فريق العمل للذكاء الاصطناعي التوليدي في البنتاغون وهو عضو في مكتب رئيس الذكاء الرقمي والاصطناعي في وزارة الدفاع، كشخص للاتصال في نهاية ملف العرض التقديمي من مايكروسوفت.
تعمل القوات الجوية الأميركية حاليًا على تطوير نظام إدارة القتال المتطور الذي يعتبر جزءًا من مشروع البنتاغون الأكبر، والذي يعرف بـ “نظام القيادة والتحكم المشترك لجميع المجالات” (JADC2)، والذي يهدف إلى ربط الفروع العسكرية الأميركية معًا، وذلك من خلال الاستفادة من التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتحسين القدرة على القتال بشكل فعال.
من خلال هذا المشروع، يُنظر إلى أن البنتاغون يقدم لمستقبل واعد حيث يتم تبادل بيانات العدو بين كاميرات الطائرات المسيرة التابعة للقوات الجوية ورادارات السفن الحربية التابعة للبحرية ودبابات الجيش وقوات المارينز على الأرض بسهولة لتحسين عمليات تدمير العدو.
في الثالث من أبريل الماضي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أنها بدأت استخدام بعض العناصر من هذا المشروع في منطقة الشرق الأوسط.
ومع ذلك، حتى عند تجاهل النواحي الأخلاقية، يمكن مناقشة فعالية هذا النهج، حسب هايدي خلاف، المهندسة الأمان المعلوماتي التي عملت سابقًا مع شركة أوبن إيه آي. وتقول: “من المعروف أن دقة النموذج وقدرته على معالجة البيانات بشكل صحيح تنخفض مع كل تدريب على محتوى من إنتاج الذكاء الاصطناعي”.
وتقول إن الصور التي تم إنشاؤها بواسطة دال-إي ليست دقيقة ولا تعكس الواقع بشكل صحيح، حتى عند استخدامها في أنظمة القتال. لا يمكن لهذه النماذج إنتاج صور دقيقة للأجزاء البشرية مثل الأطراف أو الأصابع، فكيف يمكننا الاعتماد عليها لتكون دقيقة في تفاصيل الحياة الواقعية في الميدان؟
(إنترسبت)