في خطوة مهمة لحماية حقوق الممثلين والفنانين من الاستخدام غير المصرح به لأشكالهم وصورهم وأدائهم من قبل الذكاء الاصطناعي (AI)، وقع حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، في 18 سبتمبر 2024، على تشريعين رئيسيين يهدفان إلى منع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الترفيه، مما يشكل نقطة تحول في الصراع المستمر بين التكنولوجيا والحقوق الشخصية في العصر الرقمي.
ومع استمرار التطور السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أصبح تكرار الأصوات والوجوه والأداء البشري أمرًا سهلًا بشكل مقلق. وبرزت مخاوف كبيرة بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي على انتهاك حقوق الفنانين، خاصة عندما تُستخدم صورهم دون موافقتهم. ومع القوانين الجديدة في كاليفورنيا، بات يتمتع الممثلون والفنانون بحمايات قانونية أقوى لضمان عدم استغلال هوياتهم، سواء كانوا على قيد الحياة أو بعد وفاتهم، من قبل الذكاء الاصطناعي دون تصريح صريح منهم أو من عائلاتهم.
أبرز بنود القوانين الجديدة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي
يستهدف القانون الأول الذي وقعه الحاكم نيوسوم الاتجاه المتزايد نحو استخدام المحتوى المولد بواسطة الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي صوت أو صورة الشخص. ويُستخدم هذا النوع من المحتوى غالبًا في الأفلام والإعلانات وحتى في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن أن تحاكي هذه النسخ المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي صوت أو أداء ممثل دون موافقته. يضمن القانون الجديد أن أي تكرار مشابه يجب أن يكون معتمدًا بعقد قانوني، مما يمنع الممثلين من فقدان السيطرة على هوياتهم الرقمية بشكل غير مقصود.
أما القانون الثاني، فهو يتجاوز حماية الفنانين أثناء حياتهم ويمددها لتشمل حماية أدائهم وصورهم حتى بعد وفاتهم. ينص هذا القانون على أنه بعد وفاة الفنان، يجب الحصول على إذن من عائلته أو مديرَي أعماله لاستخدام صورته او صوته او أدائه عن طريق الذكاء الاصطناعي. ويعد هذا الإجراء قفزة نوعية تهدف إلى منع استغلال تراث الفنانين الراحلين أو التربح منه دون موافقة عائلاتهم.
التأثيرات الأوسع على استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الترفيه
تأتي هذه القوانين استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن العواقب غير المقصودة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعات الإبداعية. فمع قدرة التكنولوجيا الحالية على محاكاة الأصوات والمظاهر البشرية بسهولة، ارتفع معدل استخدام التكنولوجيا في إنتاج “نسخ رقمية” من البشر في الأفلام والتلفزيون وحتى العروض الحية. وبينما تقدم هذه التقنيات إمكانيات مثيرة لصناع الأفلام والفنانين، فإنها تثير أيضًا تساؤلات أخلاقية خطيرة حول الملكية والموافقة.
تُعد هذه التشريعات الجديدة في كاليفورنيا بمثابة سابقة قد تؤثر على ولايات وصناعات أخرى، إذ تؤكد الحاجة إلى إيجاد توازن بين الابتكار التكنولوجي وحقوق الأفراد. وتكشف هذه القوانين عن تنامي الوعي في صناعة الترفيه حيال قدرات الذكاء الاصطناعي والمخاطر المرتبطة بتلك التقنيات. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، قد تصبح هذه الحمايات الجديدة بمثابة نموذج للإطار الذي يمكن من خلاله التعامل مع الجوانب الأخلاقية والقانونية للذكاء الاصطناعي في المجالات الأخرى.
يمثل سن هذه القوانين المتعلقة بالذكاء الاصطناعي من قبل الحاكم نيوسوم خطوة رائدة في تنظيم الذكاء الاصطناعي داخل صناعة الترفيه. ففي الوقت الذي تتطور فيه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، يتعين على النظام القانوني أن يتأقلم لحماية حقوق الأفراد في حقبة أصبح فيها التكرار الرقمي للبشر ليس فقط ممكنًا، بل شائعًا. ومع وضع حدود واضحة لاستخدام الأصوات والصور التي يولدها الذكاء الاصطناعي، تتصدر ولاية كاليفورنيا الجهود لضمان أن الفنانين يحافظون على السيطرة على هوياتهم — سواء كانوا على قيد الحياة أو بعد رحيلهم.
وبينما تراقب الولايات والصناعات الأخرى عن كثب هذه الخطوة التي قامت بها كاليفورنيا، قد تصبح هذه القوانين الأساس لحوار أوسع حول التأثيرات الأخلاقية والقانونية للذكاء الاصطناعي في الفنون الإبداعية على مستوى عالمي.