جدول المحتويات
أعلنت جامعة الأزهر، إحدى أعرق وأقدم المؤسسات التعليمية في العالم، خطوة طموحة نحو المستقبل من خلال إنشائها كلية مستقلة مخصصة لدراسة الذكاء الاصطناعي (AI). جاء هذا الإعلان التاريخي خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي العاشر لكلية التربية للبنين بالقاهرة، والذي حمل عنوان “الذكاء الاصطناعي ومنظومة التعليم: طموحات ومخاطر”، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
وأكد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، التزام الجامعة القوي بالمساهمة في التطور السريع لمجال الذكاء الاصطناعي، باعتباره أحد الركائز الأساسية للتقدم التكنولوجي العالمي. وأشار إلى الدور الحيوي الذي لعبه الذكاء الاصطناعي خلال جائحة كوفيد-19، مستشهدًا باستخدامه في الخدمات الطبية من خلال الروبوتات كمثال على إمكانياته التحويلية. وقال الدكتور داود: “إن إنشاء هذه الكلية هو خطوة استراتيجية تتماشى مع الاتجاهات العالمية، لضمان بقاء جامعة الأزهر في مقدمة الابتكار”.
رؤية جامعة الأزهر وراء كلية الذكاء الاصطناعي المستقلة
تهدف الخطوة لتأسيس كلية مخصصة للذكاء الاصطناعي إلى تلبية الطلب المتزايد على الخبرات المتخصصة في هذا المجال وتطبيقاته في مختلف القطاعات. وأوضح الدكتور داود أن هذه المبادرة تأتي في إطار رؤية أوسع لتكامل التكنولوجيا المتقدمة مع المنظومة الأكاديمية للجامعة.
يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه الذكاء الاصطناعي ثورة في مجالات متعددة مثل الرعاية الصحية والتعليم والتمويل والنقل. ومن خلال إنشاء هذه الكلية المتخصصة، تسعى جامعة الأزهر لتزويد الطلاب بالمهارات والمعارف اللازمة للتعامل مع تحديات ومستقبل التكنولوجيا. كما تعكس تلك المبادرة انسجام الجامعة مع الاستراتيجية الوطنية لمصر لتعزيز الابتكار والتطوير التكنولوجي، بما يضمن للمؤسسات المصرية القدرة على المنافسة عالمياً.
وخلال عام واحد، نظمت جامعة الأزهر مؤتمرين رئيسيين حول الذكاء الاصطناعي، مما يعكس نهجها الاستباقي في استكشاف الفرص والتحديات المرتبطة بهذا المجال. كان من بينها مؤتمر نظمته كلية الهندسة في فبراير 2024 تحت عنوان “التطبيقات الهندسية الحديثة والذكاء الاصطناعي”.
توثيق المعرفة العلمية والحفاظ عليها
إلى جانب إطلاق كلية الذكاء الاصطناعي، كشف الدكتور داود عن خطة طموحة لتوثيق الإسهامات الأكاديمية للجامعة. كلّف رئيس الجامعة إدارة العلاقات العلمية والثقافية بجمع سجل شامل عن جميع المؤتمرات العلمية التي نظمتها جامعة الأزهر، سواء الماضية والحالية.
سيتم إصدار هذا العمل التوثيقي في صورة منشور ثنائي اللغة (باللغة العربية والإنجليزية)، يتضمن موضوعات المؤتمرات والأوراق البحثية والنتائج والتوصيات، بهدف إنشاء قاعدة بيانات رقمية ومادية تسهم كمرجع موسوعي للباحثين والعلماء على مستوى العالم. وأوضح الدكتور داود قائلاً: “هذا المشروع ليس مجرد حفظ للتاريخ، بل هو استعراض للإسهامات الفكرية لجامعة الأزهر أمام العالم”.
الأبعاد الأوسع لمبادرة الذكاء الاصطناعي لجامعة الأزهر
إن إنشاء كلية مستقلة للذكاء الاصطناعي يُعدّ علامة فارقة في تاريخ جامعة الأزهر. فهو يعكس النهج المستقبلي الذي يوازن بين التقاليد والحداثة، ويضمن مواصلة الجامعة لدورها الريادي في تشكيل الساحة التعليمية والتكنولوجية العالمية.
ومع التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي على مختلف جوانب الحياة البشرية، تعد مثل هذه المبادرات ضرورة لإعداد جيل جديد من القادة والمبتكرين والمفكرين. من خلال الاستثمار في تعليم الذكاء الاصطناعي، لا تسهم جامعة الأزهر فقط في تطوير هذه التكنولوجيا المؤثرة، بل تعزز أيضاً مكانتها كمركز عالمي للتميز الأكاديمي.
تشكل هذه الخطوة الجريئة التي اتخذتها جامعة الأزهر دعوة للتفكير والعمل لباقي المؤسسات التعليمية في المنطقة وخارجها. وهي تؤكد أهمية دمج الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الأكاديمية لمواجهة تحديات وفرص القرن الحادي والعشرين.
رسالة جامعة الأزهر في عصر الذكاء الاصطناعي
إن قرار جامعة الأزهر بإنشاء كلية مستقلة للذكاء الاصطناعي يُعد قفزة كبيرة للأمام في مسيرتها نحو مواكبة العالم سريع التغير. ومن خلال تبنيها للذكاء الاصطناعي، تثبت الجامعة أنها لا تزال قادرة على القيادة التعليمية والابتكار التكنولوجي، بالتوازي مع المساهمة في الحوار العالمي حول الأبعاد الأخلاقية والعملية لهذه التكنولوجيا المؤثرة.
في ظل التحديات والفرص التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على العالم، تأتي مبادرة الأزهر نموذجاً ملهمًا لكيفية قدرة المؤسسات التقليدية على التكيُّف والازدهار في العصر الحديث. وبفضل تاريخها العريق والتزامها الراسخ بالتقدّم، تُقدّم جامعة الأزهر مثالاً يحتذى به كمَنارة للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.