تعتزم الصين أن تصير واحدة من الدول الرائدة عالمياً في مجال الابتكار في ميدان الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2030، وذلك بمواكبتها الدول المتقدمة في هذا القطاع من حيث النظريات والتقنيات وكذلك التطبيقات. ومن المتوقع ازدياد قيمة الصناعة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لتتعدى تريليون يوان صيني (ما يعادل تقريباً 140.9 مليار دولار أمريكي)، مما سيؤدي إلى تعاظم حجم الصناعات المرتبطة ليصل إلى أكثر من عشرة تريليونات يوان.
نفذت الحكومة الصينية مجموعة من الإستراتيجيات الإيجابية لتشجيع نمو الذكاء الاصطناعي بما يشمل البحث والتطوير وكذا دعم التطبيقات العملية وتطور الصناعة. وفي هذا السياق، استغلت مختلف المناطق والمدن الصينية الإمكانيات الواعدة في نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مسرعة الخطى لإقامة منظومات تقنية ذاتية في مجال الذكاء الاصطناعي ودفع عجلة تطورها الصناعي.
ظهرت العاصمة الصينية بكين كموقع مواتٍ لإنشاء مركز عالمي مؤثر في مجال الابتكار بالذكاء الاصطناعي، حيث تتميز بتوافر خبرات عالية وقدرات متميزة على الابتكار، بالإضافة إلى بيئتها النشطة لتطوير المنتجات الذكاء الاصطناعي. وقد كشفت الإحصاءات الرسمية أن 28 بالمائة من مجموع 2200 شركة ناشطة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين تتركز في بكين، مما جعلها تحتل الريادة في عدد هذه الشركات على مستوى البلاد.
العام المنصرم، كشفت العاصمة الصينية بكين ضمن خطتها الاستراتيجية لتنمية مجال الذكاء الصناعي، عن تطلعاتها لوصول قيمة صناعة الذكاء الاصطناعي الأساسية في المدينة إلى ما يقارب 300 مليار يوان بحلول عام 2025، وهو ما يعني الحفاظ على معدل نمو سنوي يتجاوز الـ 10 بالمئة.
في الفترة الراهنة، تستمر العمليات الرامية لتعزيز علاقات الشراكة التكنولوجية بين الأقاليم والحواضر، تشمل ذلك مناطق متعددة مثل قوانغدونغ وشانغهاي وجيانغسو وآنهوي وسيتشوان. على سبيل المثال، تضع مدينة شنتشن خططاً لإنشاء منطقة ريادية وطنية متخصصة في الابتكار وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، تتميز بالتركيز على المشروعات الخاصة بهدف إنتاج وتنمية إبداعية للمنتجات وفقاً لأسس ونماذج دولية معترف بها على نطاق واسع.
أفادت معلومات صادرة عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات بأن القيمة السوقية للقطاع الأساسي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الصين قد وصلت إلى 500 مليار يوان، وأن العدد التقريبي للمؤسسات العاملة في هذا المجال قد تخطى 4300 مؤسسة.
في هذا الإطار، ذكر ليو تشينغ فنغ، رئيس مجلس الإدارة لشركة “آي فلايتيك”، أنه يمكن للذكاء الاصطناعي دفع عجلة التكامل المعمق بين التقنيات الرقمية والاقتصاد الملموس، وذلك بتشكيل صناعات حديثة وأنماط جديدة ودفعات تطور جديدة في القطاع. وأشار إلى أن الصين قد نجحت في تحقيق ميزة تنافسية دولية وقدرات تنافسية في مجالات النمذجة الصوتية الضخمة والنمذجة الطبية الكبرى.
رغم ذلك، لفت انتباه بعض المختصين إلى أن هناك فجوة مستمرة بين الصين وعدد من الدول الأخرى فيما يتعلق بالخوارزميات الأساسية والعتاد التقني والبرمجيات الرئيسية وبيئة العمل المتعلقة بهذا القطاع، مما يستدعي التعاون المشترك بين الأوساط العلمية والتقنية والصناعية لدفع عجلة التقدم التكنولوجي والتحول الصناعي قُدمًا وتحضير جيل من المبدعين ذوي المهارات الفائقة.
وأوضح داي تشيونغ هاي، الذي يرأس الاتحاد الصيني للذكاء الاصطناعي، بأن الصين تتمتع بسوق كبير لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يبقى البلد في وضع ضعف بالنسبة للتكنولوجيا الأساسية والكفاءات البشرية.
صرح داي: “من الضروري أن نحرص على تطوير تدريب الكفاءات ونولي اهتماماً أكثر بالبحث العلمي الأساسي والابتكار الخلاق في ميدان الذكاء الإصطناعي، وذلك من خلال تحسين السياسات وتعديل الإجراءات وزيادة الميزانيات”.