هنالك عدة تحديات ومعوقات قد تواجه التحول الرقمي، والهدف هنا هو التعلم من الأخطاء السابقة والدروس المستفادة من الآخرين وعدم الخوض بنفس التجارب التي قد تؤول إلى الفشل، ويجب علينا دراسة الأخطار وتجهيز الحلول والسير بخطى واضحة نحو الهدف المنشود بتحسين نمط الحياة وتسهيله وزيادة الانتاجية وتقليل التكاليف على المدى البعيد.
من أهم التحديات التي تواجه التحول الرقمي وتحد من نجاحه هو عدم وجود رؤية واضحة للتحول الرقمي، وكما أسلفت بالأجزاء السابقة من هذا المقال، فإن الرؤيا تتبعها القيادة الحكيمة ومن ثم تتبعها خطط الأفراد وسياسات الشركات و الحكومات نحو التحول الرقمي ومن ثم يتم وضع الاستراتيجيات التي من مهمتها تنفيذ السياسات، ومن ثم يتم عمل خطط وفرق عمل بمهمات واضحة بناء على الاستراتيجيات، فمن وجهة نظري ان مواكبة التحول على المستوى الفردي هو مسؤولية مشتركة بين الفرد ومؤسسته، لكن تطبيق التحول على مستوى المؤسسات والحكومات يتم بتوجه واضح من صانع القرار والإدارات العليا ومن ثم يتم تنفيذ الخطط لبقية الادارات على كافة المستويات حتى الوصول إلى أقل مرتبة وظيفية بالمؤسسة ويكون الجميع شركاء نجاح وليسوا متنافسين او مختلفين على قبول أو رفض التحول، وبالتوازي مع التنفيذ يتم نشر ثقافة التحول لذلك يكون التحول هنا ارادة وقرار وثقافة وخطط والتزامات وجداول زمنية لمخرجات معرفة مسبقا ويتم مراجعتها وتصويب أي خلل بشكل سريع ومباشر وتنفيذي وغير قابل للتقاعس من أي فرد.
التحدي المهم الأخر هو الكفاءة، وتعني الكفاءة هنا التعليم والمهارة والخبرة ، فالتعليم هو أساس كل تطور وهو أساس كل بذرة للتغيير نحو الأفضل، ويشمل التعليم كافة المستويات ومن ضمنها التعليم المدرسي والتعليم الجامعي والتعليم المهني، فالتعليم لا يقتصر فقط على دراسة الكتب المدرسية أو المساقات الجامعية او التخصصات المهنية، فان التعليم مفهوم واسع يتضمن الرغبة في التعلم المستمر ومواكبة التطورات ودراية كل ما يحتاج له الشخص في حياته العملية في مجال تخصصه وفي كل مجال قد يحتاجه خلال عمله،
أما تطوير المهارات هنا يكون بالتوازي مع التعليم بما يلائم حاجة العمل، أما بخصوص الخبرات فإن مخزون الخبرة يساعد الشخص على تجاوز التحديات التي قد تواجهه عن طريق التعليم المستمر لصقل خبراته وتطوير مهاراته، فالخبير يستطيع ملاحظة الفروقات خلال تعلمه المستمر ويواكب التطور بطريقة سريعة بناء على طموحاته واهتماماته.
ومن التحديات الأخرى هو التحدي التقني من توافر الأنظمة والبنى التحتية والممكنات الداعمة للتحول الرقمي، وهنا يكمن التحدي الأكبر في توحيد الجهود وتسخيرها باتجاه تسريع وإنجاح التحول الرقمي، ويجب التوضيح هنا أن الأنظمة المطلوبة تتفاوت من أنظمة بسيطة كنظام تخطيط موارد المشاريع، ويمكن أن يكون على مستوى متوسط مثل الشبكات أو المنصات الخاصة بالمؤسسات أو الجامعات مدعومة بأنظمتها الرقمية التي تخدم إطار العمل فيها وتتعامل مع المستفيدين منها كالطلبة والهيئات التدريسية الادارية، ويمكن أن تكون الأنظمة على حجم اكبر وأشمل مثل الحكومة الرقمية أو الشبكة الحكومية الموحدة والتي يمكن من خلالها تقديم جميع الخدمات للمواطنين بطريقة سريعة وفعالة.
ومن التحديات الأخرى التحدي المالي، وهي القدرة على الاستثمار بالتحول الرقمي حيث ان رحلة التحول الرقمي غالبا ما تكون مكلفة وصعبة من الناحية التقنية والمادية فتطوير المنصات وتغيير الهياكل التنظيمي واطر العمل في المؤسسات والحكومات هي عمليات تحتاج إلى الكثير من الوقت والموارد والأموال، لذلك يجب التفكير ببناء شراكات واضحة بين القطاعين العام والخاص على أساس المشاركة بالعوائد او نظام البناء والنقل والتشغيل (BOT) من حيث الاستعانة بمصادر محلية او خارجية تشترك بنفس الاهتمامات، ويجب الانتباه أن كافة الشراكات بحاجة لحوكمة ومراقبة وتدقيق ومتابعة لضمان النجاح والوصول للهدف النهائي للتحول.
وخلاصة القول أن هنالك عدة تحديات قد تواجه رحلة التحول الرقمي واهمها وجود رؤية واضحة، وتحدي الكفاءة والتعليم والمهارات، وأيضا يجب ان ندرك أن التحدي التقني مهم جدا في نجاح التحول، ,أخيرا فان التحدي المادي هو من التحديات الهامة جدا لكنه يمكن تجاوزه بعمل شراكات ناجحة. وقد تختلف طبيعة الأنظمة الممكنة للتحول الرقمي في تقنياتها وامكانياتها حسب الهدف المنشود، لكن جميع هذه الأنظمة تشترك بعدة أمور ومنها الشمولية بحيث أنها تغطي كافة المستفيدين بغض النظر عن مكان المستفيد، وتشترك بالمرونة (flexibility) والتوافر(availability) والقدرة على التطوير الدائم والقدرة على الاستقرار والثبات في الأداء (Resilience). وعندما يتم تجاوز كل التحديات سوف ينعكس ذلك على نجاح واستكمال التحول الرقمي مما يساهم في بناء الاقتصاد الرقمي وتحسين قطاعات الأعمال وتحسين بيئة الابتكار والاستثمار.
متخصص بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحوّل الرقمي