جدول المحتويات
في مجال الذكاء الاصطناعي المتطور باستمرار، يحقق الباحثون إنجازات رائدة في الحفاظ على الأرشيف الغني للغة التركية العثمانية وفهمه. هذه الجهود ليست مجرد تقدم تقني؛ بل تمثل نهضة ثقافية تمكن المؤرخين واللغويين والباحثين من الوصول إلى النصوص القديمة ودراستها بسهولة غير مسبوقة. يعد دمج الذكاء الاصطناعي في ترجمة ونقل الأرشيف العثماني جهدًا رائدًا لربط المعرفة التاريخية بعالم اليوم الرقمي.
نماذج الترجمة الآلية العصبية: بوابة علمية
في مقدمة هذا التحول تأتي أعمال الباحثين في جامعة ستانفورد، الذين يستغلون قوة الترجمة الآلية العصبية (NMT) لتحويل النصوص العثمانية التركية إلى الإنجليزية. يعد هذا المسعى اختراقًا علميًا، حيث يقدم أداة ترجمة أساسية تمكّن الأكاديميين من دمج الوثائق التاريخية غير الإنجليزية في أبحاثهم ومناهجهم الدراسية. من خلال الاستفادة من القرابة اللغوية بين اللغة التركية العثمانية والتركية الحديثة، يستفيد نموذج NMT من الموارد الثنائية اللغة الموجودة لتحقيق محاذاة دقيقة للجمل. هذا النهج المبتكر لا يحافظ فقط على السرد التاريخي، بل يعيد إحياءه للجماهير المعاصرة.
التعرف الضوئي على الحروف والترجمة الأبجدية: مبادرة Osmanlica.com
يقود المشروع الطموح “Osmanlica.com” استراتيجية ثلاثية المراحل بمساعدة الذكاء الاصطناعي لتحديث الأرشيف العثماني. تبدأ العملية بتقنية التعرف الضوئي على الحروف (OCR) المصممة لفك وتحويل النصوص العثمانية إلى نصوص قابلة للتحرير. يتبع ذلك مرحلة ترجمة الأبجدية، التي تحول النصوص من الحروف العربية للغة التركية العثمانية إلى الحروف اللاتينية للتركية الحديثة، محققة معدل دقة يصل إلى 96%. تهدف مرحلة الترجمة النهائية إلى تحسين هذه الدقة إلى 95%، مما يجعل هذه النصوص أكثر وصولًا لجمهور أوسع. هذه الرحلة الدقيقة من النصوص إلى النصوص الرقمية تشهد على التزام المشروع بالحفاظ على التاريخ من خلال التكنولوجيا الحديثة.
التعرف على النصوص المكتوبة بخط اليد: إحياء الصحف
يتصدى التحدي المتمثل في نسخ الصحف العثمانية التركية المكتوبة بخط اليد باستخدام أساليب التعلم العميق المتطورة. تدفع نماذج التعرف على النصوص المكتوبة بخط اليد (HTR) حدود الذكاء الاصطناعي من خلال إنتاج نسخ بالخط اللاتيني التركي الحديث. على الرغم من التحديات الكامنة التي تفرضها أنظمة الكتابة المختلفة بين العثمانية والتركية الحديثة، تقدم هذه النماذج نسخًا “جيدة بما فيه الكفاية” تعزز بشكل كبير من وصول الوثائق التاريخية. في نهج مبتكر، طور بعض الباحثين حتى طرقًا “للتحايل” على نماذج الذكاء الاصطناعي مثل Claude لفهم التركية العثمانية عن طريق تحويلها أولاً، مما يستفيد من البراعة اللغوية للذكاء الاصطناعي لاستنتاج المعاني.
مستقبل يتكشف من خلال الذكاء الاصطناعي
بينما لا تزال هذه الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مراحلها التطويرية، فإن التقدم الذي تم تحقيقه حتى الآن لا يقل عن كونه مذهلاً. تمثل عمليات الترجمة والنقل لأرشيفات العثمانية تمازجًا بين التاريخ والتكنولوجيا، مما يخلق منصة ديناميكية للبحث والاكتشاف في المستقبل. مع استمرار تطور هذه الحلول، فإنها تعد بتحسين دقة وقابلية استخدام النصوص التاريخية، مما يوفر للباحثين في جميع أنحاء العالم بوابة رقمية إلى الماضي.
في الختام، يساهم التقاء الذكاء الاصطناعي والبحث التاريخي في إعادة تعريف وصولنا إلى الأرشيف العثماني. لا تقتصر هذه الابتكارات التكنولوجية على جعل النصوص القديمة أكثر وصولًا، بل تساهم أيضًا في الحفاظ على التراث الثقافي للأجيال المقبلة. ومع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي، سيزداد أيضاً فهمنا وتقديرنا للسرديات التاريخية الغنية التي تحتويها الأرشيفات العثمانية.
المراجع:
Stanford University Research on NMT
Osmanlica.com Project
Deep Learning in HTR
AI Models and Ottoman Turkish
Ottoman Archives Digitalization
Transkribus Success Story