/وام/ عقد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وشركاؤه في مشروع “مفكرو الإمارات” أمس، الاجتماع الأول للمشروع بعنوان “مفكرو الإمارات.. 2024 تفاعل وإسهام”.
تم مناقشة قضايا استراتيجية ذات أولوية وطنية لدولة الإمارات خلال الملتقى الذي عقد في فندق سانت ريجيس في العاصمة أبوظبي. تضمن الملتقى أكثر من 20 جلسة حوارية، تم توزيعها على 8 منصات تفاعلية، وتمت تغطية 4 محاور رئيسية هي: التعليم، والهوية الوطنية والشخصية الإماراتية، والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المستقبل، والاستدامة واقتصاد المستقبل.
وأوضح السيد الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير المركز الإماراتي للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في كلمته الافتتاحية للملتقى، أن الملتَقَى الأول لـ “مفكرو الإمارات” هو منصة للحوار وتبادل الأفكار. وأشار إلى أن هذا المشروع الذي تم إطلاقه من قبل المركز في يناير 2022، حظي بتبارك من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وأصبح لديه اليوم تجمعًا غنيًا من الخبراء في مجالات متنوعة.
وأعرب سعادته عن تقديره الكبير للباحثين والمتخصصين المشاركين في هذا المشروع الفكري، بالإضافة إلى الشركاء الناجحين فيه، وهم شرطة دبي، وشبكة أبوظبي للإعلام، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة خليفة، وكليات التقنية العليا، وجامعة زايد.
في إطار الحوار الذي جرى بعنوان “مستقبل الاقتصاد الإماراتي”، صرح الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، أن دولة الإمارات قامت بتوقيع 13 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، وتنفيذ 5 منها، ومن المتوقع أن يسهم ذلك في زيادة الاستثمارات الخارجية، وأن تحقيق المزيد من النمو سيكون له تأثير إيجابي في التصدي للتضخم ومعالجة ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات، وهي مشكلة تواجهها جميع الدول في الوقت الحالي. وأشار إلى أن الوزارة تتعاون بشكل وثيق مع عدد من المؤسسات الأكاديمية ومراكز الفكر الوطنية، مستفيدة من دعمها في عملية اتخاذ القرارات.
صرح الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة للشباب، في الجلسة الحوارية التي كانت بعنوان “الشباب الإماراتي وإمارات المستقبل”، بأن قيادة الدولة كريمة جدا في توفير الفرص للشباب وعليهم أن يستغلوا هذه الفرص. وأضاف أنه في التعامل مع قطاع الشباب لا يوجد لدينا أزمات بل تحديات، وأهمها الهوية الوطنية، والشراكة والتفاعل مع الشباب.
وأشارت معاليه إلى أهمية كبيرة للمحادثات مع الشباب لفهم أولوياتهم بشكل قريب، وتكريم الأشخاص المتفوقين منهم، وهذا ما تسبق عليه حكومتنا الحكيمة.
في الجلسة الحوارية التي كانت بعنوان “سمات الشخصية الإماراتية لمستقبل الإمارات”، تحدث كل من محمد جلال الريسي، مدير عام وكالة أنباء الإمارات “وام”، وابتسام الكتبي، رئيس مركز الإمارات للسياسات، وعبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية، وناصر الشيخ، الخبير الاقتصادي.
وتمت خلاصة الجلسة إلى أن سمات الشخصية الإماراتية لا تنفصل عن طبيعة الإمارات كدولة. إنها دولة تتطلع إلى المستقبل ومن الضروري على المواطن الإماراتي أن يتعامل مع التغيرات المختلفة التي يشهدها الواقع الحالي باستخدام أدوات المستقبل، وتمكنهم من توقع التحديات والفرص التي قد تنشأ في هذا المستقبل. يجب أن يكون المواطن الإماراتي مستعدًا لذلك من خلال الحصول على التعليم والمهارات اللازمة. الشخصية الإماراتية هي شخصية معتدلة بالفكر والسلوك والمنهج، وهي منفتحة على العالم بشكل كبير. إنها متواضعة بشكل كبير وترفض جميع أشكال العنصرية والتجبر.
بشأن أهمية اللغة العربية في هذا السياق، أكد المتحدثون أنها أساسية للهوية الوطنية، مشيرين إلى أن ميزة المواطن الإماراتي الأبرز هي الثقة الكاملة في القيادة والحكومة، ويتعين عليه أن ينعكس في الإعلام الشخصية المميزة لبلاده، وأن الهوية الوطنية ثابتة بشكل كامل وتدور حول رمزية القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فليكن التعظيم لروحه، والولاء لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”.
في مناقشة حوارية بعنوان “الإمارات وطموحات الفضاء”، تحدث سعادة سالم بطي سالم القبيسي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، وسعادة سالم حميد المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء. تم التركيز على الإنجازات التي حققها قطاع الفضاء، مؤكدين أن المهمة الرئيسية لوكالة الإمارات للفضاء منذ تأسيسها في عام 2014 هي تطوير الكوادر الإماراتية. تم دخول الدولة قطاع الفضاء للاستفادة من فوائد الأقمار الاصطناعية وتعزيز القدرات التكنولوجية.
وأبرز المتحدثان أهمية دور الشركات الخاصة في دعم قطاع الفضاء، وأيضا الدور الحيوي للصناعات الفضائية في دعم الاقتصاد الوطني، وأشارا إلى أن القطاع الفضائي دخل في عدد من الشراكات مع مؤسسات دول أجنبية مختلفة في إطار تبادل الخبرات، وهناك علاقات وتعاون مشترك مع جامعات ومراكز البحث الوطنية.
عُقِدت نقاشية بعنوان “استثمارات الإمارات في الذكاء الاصطناعي: الفرص والتحديات”، شارك فيها الدكتورة هدى الخزيمي، مديرة مركز جامعة نيويورك أبوظبي للأمن الإلكتروني، والدكتور عبدالله الشمري، مدير إدارة البرامج الأول في Core42.
وأشدد المتحدثان على أنه دور الإمارات هو أن تكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ومشاركة فيه، بدلاً من أن تكون مجرد مستخدمة لهذه التكنولوجيا. وأوضحوا أن الإمارات لديها شركات قوية مثل G42 وشراكات عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أشار المتحدثان إلى وجود أكثر من 200 شركة عالمية في منظومة التكنولوجيا العالمية في أبوظبي (Hub71).
وأضافوا أن شركات كبرى تعمل على دمج الذكاء الاصطناعي في الإمارات في قطاعات مثل الرعاية الصحية والفضاء والبنية التحتية، نظرًا لوجود موهبة إماراتية قوية تعمل على تطوير لغات الذكاء الاصطناعي المتنافسة مع قادة صناعة العالم. وذلك يعتمد على وجود بيئة تعليمية متقدمة في الدولة تلبي هذا الجانب، مع ضمان وجود تخصصات الذكاء الاصطناعي في برامج الدراسة في العديد من الجامعات الوطنية.
أشار المتحدثان إلى أهمية التمويل في ميدان الذكاء الاصطناعي، وأشارا إلى أنه لا يجب أن يتوقف هذا التمويل على الحكومة وحدها، بل ينبغي أن يشارك فيه القطاع الخاص والنظام المصرفي أيضاً.
شارك في الجلسة الحوارية الرابعة، التي كانت تحت عنوان “مقاصد التعليم بعد إطلاق أجندة 2071″، كل من الدكتور عارف الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، والدكتور غالب الحضرمي، مدير جامعة الإمارات العربية المتحدة بالإنابة، والدكتورة كريمة المزروعي، مستشار مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، ومنصور جناحي، الرئيس التنفيذي لمجموعة “سند” التابعة لشركة “مبادلة للاستثمار”.
واتفق المشاركون على أنه يتم اعتماد البرامج الأكاديمية والدرجات العلمية في دولة الإمارات وفقًا لأعلى المعايير العالمية. وأشاروا إلى أن الجامعات في جميع أنحاء العالم تواجه تحديات، وتثار التساؤلات حول قدرتها على الاستمرار كمنصات للتعليم في ظل التقدم العلمي والمعرفي والذكاء الاصطناعي. بالنظر إلى أن التطور خارج حدود الجامعات يتجاوز بكثير قدرتها على مواكبته. ولمواجهة هذه التحديات وتحقيق توافق المخرجات التعليمية للتعليم العالي مع سوق العمل ومتطلبات التنمية والأهداف المطموحة لرؤية الإمارات 2071، يتعين إحداث تغيير شامل في نظام مؤسسات التعليم العالي في الدولة.
على الرغم من أن العلوم التطبيقية مهمة للغاية، إلا أن المتحدثين أكدوا أهمية العلوم الإنسانية في تحقيق التوازن في المجتمع. أشددوا على أن المعرفة لا تكتسب فقط من دراسة العلوم التطبيقية، وأن بناء الإنسان يأتي في المقام الأول قبل إنتاج المعرفة، وهذا ما تسهم به العلوم الإنسانية بشكل واسع.
وأكد الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن انعقاد الملتقى جاء في إطار تحقيق رسالة مشروع “مفكرو الإمارات”، والتي تهدف إلى تفعيل دور الكفاءات الأكاديمية والفكرية الوطنية في مسار التطور الذي تشهده الدولة. ويهدف الملتقى أيضًا إلى تعزيز المصادر الناعمة للقوة من خلال دعم المبادرات البحثية الإماراتية وتشجيع الجهود الفكرية المستدامة في التنمية الشاملة.
يجدر بالذكر أن عقد الملتقى يسهم في المبادرات الاستراتيجية لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بما في ذلك إطلاقهما لموسوعة القيادة الإماراتية (الاتحاد) في 26 يناير الماضي. هدف هذه الموسوعة هو توثيق الإرث الفكري للقيادة الإماراتية وتقديمه على منصة إلكترونية تفاعلية بطرق مبتكرة ومستندة إلى معايير علمية قوية. تهدف الموسوعة إلى أن تصبح مرجعا موثوقا للباحثين والدارسين وجميع الأشخاص الراغبين في الاطلاع على هذا الإرث الملهم.