جدول المحتويات
تفيد تقارير من موقع The Information بأن شركة أمازون تدرس استثمارًا ضخمًا بقيمة مليارات الدولارات في شركة الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي “أنثروبيك”. يأتي هذا الاستثمار المحتمل بعد التزامات أمازون السابقة التي بلغت 1.5 مليار دولار في عام 2022 و2.75 مليار دولار في مطلع عام 2023، مما يجعله واحداً من أكبر الاستثمارات الخارجية في تاريخ الشركة. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مكانة أمازون بشكل كبير في سوق الذكاء الاصطناعي المتسارع والتنافسي.
في سوق تهيمن عليه شركات عملاقة مثل مايكروسوفت، التي استثمرت أكثر من 14 مليار دولار في OpenAI، وشركة Nvidia التي تسيطر على سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، قد يكون استثمار أمازون الجديد مؤشرًا على طموحها لمنافسة هذه الشركات الرئيسية. ووفقًا للاتفاق المقترح، قد تشترط أمازون على “أنثروبيك” استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها مثل Graviton4 وTrainium2، مما يساهم في دمج تقنياتها بشكل أعمق في منظومة تطوير الذكاء الاصطناعي.
توسع أمازون في مجال الذكاء الاصطناعي
استثمار أمازون الأولي في أنثروبيك، والذي بدأ بمبلغ 1.5 مليار دولار العام الماضي، وأضيف إليه 2.75 مليار دولار في 2023، يعكس دفعًا قويًا من الشركة نحو الذكاء الاصطناعي. يهدف التعاون بين أمازون و”أنثروبيك” إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة لا تساهم في تعزيز خدمات أمازون، مثل بنية AWS السحابية، فحسب، بل توفر أيضًا ميزة تنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي الأوسع.
تشبه هذه الخطوة إلى حد كبير استراتيجية مايكروسوفت في شراكتها مع OpenAI، التي أحدثت ثورة في استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المنتجات والخدمات. وتسعى أمازون إلى تكرار هذا النجاح وتعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي، خصوصًا مع مواجهة تحديات على صعيد تشغيل أنظمة ذكاء اصطناعي عالية الجودة عبر منصاتها، بما في ذلك مساعدها الرقمي الرائد “أليكسا”.
دور الرقائق المملوكة لأمازون
إحدى الجوانب الرئيسية لهذا الاستثمار المحتمل تكمن في الشرط بأن تمنح “أنثروبيك” الأولوية لاستخدام رقائق السيليكون الخاصّة بأمازون، خاصة معالجات Trainium2 وGraviton4. تم إصدار هذه الرقائق في أواخر عام 2023، وهي مصممة لتحسين أداء أعباء العمل المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أمازون الأوسع للحد من اعتمادها على Nvidia، التي تهيمن حاليًا على سوق رقائق الذكاء الاصطناعي.
تستخدم “أنثروبيك”، مثل العديد من شركات الذكاء الاصطناعي، وحدات معالجة الرسومات من Nvidia لتدريب وتشغيل نماذجها. ومع ذلك، فإن التحول لاستخدام رقائق أمازون الخاصة قد يمنح كلا الشركتين مزايا استراتيجية. بالنسبة لأمازون، سيسهم دمج أجهزة الحوسبة الخاصة بها في نماذج الذكاء الاصطناعي “لأنثروبيك” في تعزيز قدرات AWS، مما يجعلها منصة أكثر جاذبية للشركات المهتمة بالتقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. أما بالنسبة لـ “أنثروبيك”، فإن الشراكة توفّر مصدر تمويل واستقراراً تقنيًا يساعدها على الاستمرار في المنافسة بفعالية في سوق الذكاء الاصطناعي سريع النمو.
موقع “أنثروبيك” في السوق وآفاقها المستقبلية
تُعد “أنثروبيك” واحدة من أكثر الشركات الناشئة الواعدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تجاوز إجمالي تمويلها 9.7 مليارات دولار حتى الآن. وتسعى الشركة إلى الوصول إلى تقييم قدره 40 مليار دولار مع استمرارها في جمع المزيد من رأس المال. وتعتبر نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها من بين الأكثر تقدمًا في هذا القطاع، ما يضعها في منافسة مباشرة مع شركات مثل OpenAI، التي تلقت مؤخراً استثمارات بقيمة 6.6 مليارات دولار وتقدر قيمتها السوقية بـ 157 مليار دولار.
مع مواصلة “أنثروبيك” تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي خاصتها، قد يوفر التعاون مع أمازون دفعة كبيرة، ليس فقط من الناحية المالية، لكن أيضًا في البنية التحتية التكنولوجية. فمن خلال الاستفادة من خدمات السحابة الخاصة بأمازون ورقائق الذكاء الاصطناعي، تستطيع “أنثروبيك” تحسين كفاءة عملياتها، ما يساعدها في تلبية تكاليف التشغيل المقدرة لعام 2024 والتي تبلغ 2.7 مليار دولار.
الصورة الأكبر: طموحات أمازون في الذكاء الاصطناعي
استثمار أمازون المحتمل الإضافي في “أنثروبيك” يعكس طموحات الشركة الأوسع لقيادة مجال الذكاء الاصطناعي. ورغم أن أمازون كانت دائمًا رائدة في الحوسبة السحابية من خلال AWS، إلا أنها واجهت تحديات في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. فعلى سبيل المثال، لم يستطع مساعدها “أليكسا” مجاراة أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدمًا، مثل ChatGPT من OpenAI.
ومن خلال الاستثمار في “أنثروبيك”، تبعث أمازون برسالة واضحة مفادها أنها تعتزم لعب دور قيادي في الجيل القادم من ابتكارات الذكاء الاصطناعي. قد يؤدي التعاون بين الطرفين إلى حلول ذكية غير مسبوقة تُعزّز من عروض أمازون السحابية وتمكّن الشركات في مختلف القطاعات من تبني تقنيات مبنية على الذكاء الاصطناعي بسهولة أكبر.
إضافة إلى ذلك، فإن هذا الاستثمار سيسمح لأمازون بالتنافس بشكل أفضل مع عمالقة التكنولوجيا الآخرين مثل غوغل ومايكروسوفت، واللذين قاما بتخصيص استثمارات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي. ومع استمرار تطور مشهد الذكاء الاصطناعي، يمكن لشراكة أمازون مع “أنثروبيك” أن تكون نقطة تحول استراتيجية، تمكّن الشركة من اكتساب الأدوات اللازمة للريادة في سباق الذكاء الاصطناعي.
يُتوقع أن يترك استثمار أمازون المحتمل بقيمة مليارات الدولارات في “أنثروبيك” آثاراً بعيدة المدى على كل من الشركتين وصناعة الذكاء الاصطناعي بشكل عام. بالنسبة إلى أمازون، تُعد هذه الخطوة مهمة في إطار تعزيز قدراتها في هذا المجال، لاسيما في مواجهة المنافسة الشديدة من مايكروسوفت وNvidia. ومن خلال إلزام “أنثروبيك” باستخدام رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها وبنيتها التحتية السحابية، تضع أمازون نفسها كشريك رئيسي في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المستقبلية.
أما بالنسبة لـ “أنثروبيك”، فالشراكة توفر الدعم المالي والموارد التكنولوجية اللازمة لتوسيع عملياتها ومواصلة دفع حدود الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن يؤدي التعاون بين الشركتين إلى حلول مبتكرة للعديد من القطاعات، بدءًا من الرعاية الصحية وصولاً إلى التمويل والتجزئة.
في وقت تتزايد فيه أهمية الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، تُشير استثمارات أمازون في “أنثروبيك” إلى التزام الشركة الواضح بالمساهمة في رسم ملامح مستقبل هذا المجال المتنامي بسرعة.